واجهات تضج وتزخر بشتى أنواع قطع الحلي، من مختلف الأشكال والصياغات، منها التقليدي ومنها العصري، وثالث بين هذا وذاك. أما الأسعار، فلا يصدقها المشتري، والسبب يعود إلى أن المعروض ليس ذهباً خالصاً بل ذهب برازيلي! هذا النوع من الذهب بات يجذب الشباب المقبلين العراقيين على الزواج الذين لا يستطيعون شراء الذهب الحقيقي. فهو يتمتع بكل مواصفات المعدن الثمين، من اللون إلى الصياغة وصولاً إلى اللمعان الصارخ الذي يستسيغه العراقيون في الذهب. كشف هذا النوع من المعدن والتمييز بينه وبين الذهب الأصلي، أمر يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة إلى الزبون العادي، ما يدفع بالكثيرين إلى اقتنائه والظهور به في مناسبات شتى، من دون أن تتمكن النمّامات، المنتشرات في تلك المناسبات، من اكتشاف حقيقة الأمر. بل غالباً ما ترتسم علامات الدهشة على وجوه الكثيرات ممن «يعوّل عليهن» في مراقبة كمية الذهب التي تُلبس للعرائس، إذ يفاجأن بكميات هائلة من الذهب في أعناق الزوجات الجديدات ومعاصمهن وأصابعهن، على رغم أن العريس لا يكون مشتهراً بثروته. ثمن خاتم الزواج من الذهب المقلّد، أو كما يسمى في العراق «الذهب البرازيلي»، لا يزيد على تسعة آلاف دينار، أي حوالى سبعة دولارات أميركية. أما خاتم الزينة، فلا يتعدى ثمنه الخمسة آلاف دينار، فيما الأساور المرصعة بالأحجار «الكريمة» لا يزيد سعرها على 12 ألف دينار. يقول مازن ياسر (34 سنة)، صاحب محل صغير لبيع الحلي البرازيلية، إن هناك إقبالاً كبيراً على هذا النوع من الذهب. فأسعاره زهيدة، مقارنة بالذهب الحقيقي، وفي الوقت نفسه لا يختلف عن الذهب الأصيل، لا في الشكل ولا في الوجاهة. ويضيف: «تأتينا كميات كبيرة منه من طريق الصين وسورية، وتركيا أحياناً، وهو على أنواع، فبعضه يصمد لونه ولمعانه سنتين، فيما يتغير لون البعض الآخر بعد ستة أشهر على اقتنائه لتأثره السريع بالحرارة والماء». ويؤكد ياسر أن موديلات الذهب البرازيلي لا تقتصر على النساء، فهناك أنواع خاصة بالشبّان، أهمّها الخواتم والساعات الرجالية التي تشهد شعبيتها ارتفاعاً. مريم عماد (26 سنة) تقول إنها تجد في الذهب البرازيلي وسيلة جديدة لمواجهة ارتفاع أسعار الذهب. فهي من المولعات بتغيير تصاميم مصوغاتها الذهبية بين الحين والآخر، لذا استثمرت في ظهور الذهب البرازيلي لتقتني تصاميم حديثة تضعها في المناسبات الإجتماعية، مع الذهب الأصلي، فضلاً عن التزيّن به في أيام العمل، ما يمنحها فرصاً مضاعفة للتنويع في مظهرها يومياً. وتقول فاتن أحمد (34 سنة) إنها اشترت كميات كبيرة منه، وتبتسم ساخرة حين تضيف: «استطعت خداع نساء كثيرات أبدين إعجابهن به». من جهته، يرجع محمد الموسوي، الصائغ في منطقة الكاظمية، ظاهرة انتشار الذهب البرازيلي بين الشباب إلى الأزمة الاقتصادية، «فهؤلاء يلجأون إلى البرازيلي خصوصاً في مراسم الزواج لأنه يحفظ ماء وجوههم أمام أهل العروس والأصدقاء». ويؤكد أن انتشار الذهب المقلّد، ولّد مخاوف كثيرة من انتشار الغش، «وبات الزبائن الذين يريدون شراء الذهب الأصلي من الصاغة، يتفحصونه أكثر من مرة بمساعدة صاغة آخرين، للتأكد من الوزن والعيار ونوعية الذهب». وبحسب الموسوي، فإن الذهب البرازيلي، على رغم انتشاره، بعيد جداً من منافسة الذهب الأصلي، معتبراً أنه ظاهرة موقتة سببها الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتقاليد التي لا ترحم... «لكن يبقى الذهب الحقيقي زينة وخزينة، لامرأة جميلة ولتقلّبات الدهر أيضاً».