يبدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم زيارة لبيروت، هي الاولى مع انطلاق ولايته الثانية على رأس المنظمة الدولية التي لها في لبنان وجود كبير من خلال قوات «يونيفيل»، إحدى أكبر عمليات حفظ السلام حجماً في المنظمة الدولية، إضافة الى متابعة قرارات مجلس الأمن 1559 و1701 وملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وستكون سورية في صلب المشاورات التي يجريها بان، خصوصاً أنه سيفتتح مؤتمر «الإصلاح والانتقال الى الديموقراطية» الذي تنظمه «إسكوا» بمشاركة سياسيين من تونس ومصر وليبيا واليمن. كما سيكون للموضوع الفلسطيني حيزاً عبر ملف «انروا» وسلاح الفصائل الفلسطينية في لبنان. ويجري الامين العام لقاءات منفصلة مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي. وسيلتقي رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ممثلاً للمعارضة. ومن المقرر أن يعقد بان مؤتمراً صحافياً الجمعة يليه عشاء رسمي على شرفه. ويخصص بان يومه الثاني للقاء مسؤولي بعثات ووكالات الأممالمتحدة في لبنان، بينها «يونيفيل». وتحفظ الناطق باسمه مارتن نيسركي عن الإفصاح عما إذا كان الامين العام سيزور جنوب لبنان، علماً ان الاحوال الجوية قد تحول دون زيارة مقر «يونيفل». ومن المقرر أن يرافق بان عدد من مستشاريه ومساعديه المعنيين بالملفات المتعلقة بلبنان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بينهم مبعوثه الخاص لمتابعة تطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن. وفي ظل السجال في لبنان حول مرافقة لارسن لبان، أكدت مصادر ديبلوماسية أن الأمين العام يصطحب معه دائماً في زياراته فريقاً من المبعوثين الخاصين والمساعدين الرفيعي المستوى. ولفتت مصادر أخرى الى أن الأمين العام لن يستبعد أياً من قرارات الأممالمتحدة خلال زيارته، تمسكاً منه بتطبيق كل القرارات من دون انتقائية. ويصل بان الى بيروت في وقت لا يزال فيه مجلس الأمن «عالقاً» في مداولاته المتعلقة بسورية بسبب الرفض الروسي لأي تحرك «ورفض روسيا البحث في مشروع قرارها الذي طرحته منذ ثلاثة أسابيع» بحسب ديبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن. وليس من المتوقع أن يركز بان على عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باستثناء مسألة تجديد البرتوكول الخاص بها. وسيطل الموضوع الفلسطيني على محادثات بان من زاويتي عمل وكالة «أونروا» في لبنان، ودور الأممالمتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط ، باعتبارها شريكاً في اللجنة الرباعية. وتأتي زيارة بان في إطار جولة في الشرق الأوسط سيجريها تباعاً الشهر الحالي، بينها زيارة الأراضي الفلسطينية وإسرائيل والإردن. وبعد لبنان يتوجه بان الى دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في افتتاح «القمة العالمية لطاقة المستقبل» في أبو ظبي. وأكد الناطق باسم الأمين العام مارتن نيسركي ل»الحياة» أن بان يزور لبنان بناء على دعوة رسمية من الحكومة اللبنانية، وأنه سيناقش خلال زيارته «عدداً من المواضيع التي تتضمن بطبيعة الحال الأوضاع في الدول المحيطة بلبنان وعمل قوة حفظ السلام اليونيفيل والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان». وقال إن «اجتماعات بان بالمسؤولين اللبنانيين ستكون في لقاءات منفصلة». وفي بيروت، تخترق زيارة الأمين العام للأمم المتحدة حال الجمود والشلل السياسي الناجمة عن تأخر إقرار تصحيح الأجور والتعيينات الإدارية والتشكيلات الديبلوماسية، لينشغل كبار المسؤولين اللبنانيين مع الضيف الدولي في محادثات تتناول دور «يونيفيل» وما تعرضت له من اعتداءات في الأشهر الماضية، والعوائق أمام تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، وانعكاسات الأزمة السورية على لبنان ومسألة الحدود بين البلدين، إضافة الى قضية التجديد للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان ولبروتوكول تعاونه معها في آخر شباط (فبراير) المقبل. وإذ يصل بان ظهرا الى بيروت ليلتقي تباعاً رؤساء الجمهورية والحكومة ثم البرلمان نبيه بري وسط موقف سلبي من «حزب الله» حيال الزيارة التي قال بعض قيادييه إنها غير مرحب بها. وينظم «لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية» الحليفة ل «حزب الله» بعد ظهر اليوم اعتصاماً ضد زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أمام مقر «أسكوا». على صعيد آخر، توقفت الأوساط المتابعة أمام اللقاء الذي عقد ليل أول من أمس بين وفد قيادي من «حزب الله» وآخر من الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط للبحث في سبل تفعيل العمل الحكومي، والذي تجاوزه ليتناول كل المسائل المطروحة على الحكومة اللبنانية والقوى الفاعلة فيها، لا سيما الإقليمية بدءاً بالأزمة السورية وما يجري في الإقليم إن في العراق أو في سائر الدول العربية وعلى الصعيد الفلسطيني وفي علاقة إيران بالغرب. وذكرت المصادر أن الطرفين أكدا مساحة التلاقي بينهما وناقشا مواضيع الخلاف المعروفة، لا سيما الأزمة في سورية، واتفقا على إدارة الاختلاف نظراً الى تباعد قراءة كل منهما لتطورات الأحداث فيها، وانعكاساتها على الوضع اللبناني الداخلي. وأشارت الى ان النقاش اتجه نحو ضرورة منع الانزلاق نحو الفتنة الداخلية في لبنان أو أي اضطراب أمني، مع تأكيد ضرورة التعاون في الحكومة. كما تطرق البحث الى ضرورة توسيع رقعة الحوار في البلد. وشدد الفريقان على مواصلة التعاون الثنائي في المناطق كافة عبر اللجان المشتركة لتعزيز التهدئة والاستقرار إزاء أي حوادث أمنية تحصل.