الفُوَّهة التي تدعي أن بإمكانها ابتلاع الأمل تنغلق عند أول صرخة يقين تخرج من قلبٍ يحسن الظن بنفسه وربه..! تلك الفُوَّهة من أحدهم هدية مغلّفة ببشاعة الأشياء التي أمقتها وإن بدت في عقلٍ لا يشبه ما يستقر في رأسٍ جميل إلى حد بعيد! لدي مبررٌ قوي وعميق أعلق عليه انفعالي تجاه ما يحدث.. ولديها مبررٌ سطحي -كما أرى- أن تتخبط بعد أن كانت ترقص بعشوائية وحماقة في غير مناسبة! التأهب سمةٌ عامة لسلوكنا المتنافر تفصيلاً، فالصورة التي نقرأها عن الحياة تتفق بشكل عام لأننا نخضع لذات الوضع بمناسبات مختلفة وطرق تؤدي جميعها إلى ثقبٍ رخو.. النظر معه مرهقٌ جداً! لست منزعجة بشأن تقبلي لتلك الهدية المقلقة ولستُ منزعجة إذا ما كانت ستتهمني بالحماقة عندما أركلها بعيداً! فالغيمة التي تعدني بمطرها تبدو جافة وخالية عندما استخدم عيني المجردتين من تحفيزها الأبله للنظر أبعد من ذلك كما تزعم! هي لا تقرأني كما يجب على أية حال. ولا أنتظر منها ذلك كما تفعل! في هذه الحياة يوجد أشخاص يسيرون معك إلى الأبد بخط موازٍ دون أن تلتقي بهم في نقطة تثبت سلامة تفكيركما في آن واحد. ذلك اللقاء الذي يتهمني دوماً بتنفيره لا يقبل التزلف أو الرشاوى ليركع للحظة كبرهان على الالتقاء الذي يقول إنه يجتهد لتجده، بينما تركله بعيداً كلما لوح باستفزاز للأشياء المدسوسة عنوة في مكان قصي من رأسها! حتى وأنا أكتب تلك الكلمات اتبعثر تماماً ولا أجد ما أقوله عندما أتخيل أنها تقرأه وتختلف معي به بقسوة معتادة! التناقضات التي تكبر يوماً تلو آخر هي من ذواتنا.ثمة أشياء متساقطة حول الطريق الذي أُسقطنا فيه ذات قدر. كلما مشينا التقطنا ما يناسب الفراغات التي تثقبها باستمرار سنوات عمرنا الضئيلة. ولأننا نتمنى بل ونطمع ونستمر بتركيب أشياء أخرى تجعلنا مختلفين جداً عما كنّا عليه، لذا عندما نفكر أن نتصافح ببساطة لا نشعر بأننا فعلنا ذلك، لأنه ثمة ترسبات وطبقات مكدسة على مناطق مهجورة من ذواتنا. والمصيبة أننا نشتم في أنفسنا الدنيا التي تغير البشر ثم لا نجد حرجاً في الاستمرار.. أيضاً حيلة المرآة التي نقابل فيها وجه الآخر ونخبره بأشياء يعرفها، سخيفة جداً! لا أحد يحب أن يعرف الأشياء القبيحة والسيئة عن نفسه أكثر من مرة! لكن ولأننا طماعون مجدداً وغارقون في الأمل، ولدينا من الجشع ما يكفي لنبرر تهافتنا على كل صنوف السعي في امتلاك المزيد بالشكل، الذي نريد ودون أدنى اعتبار لمدى بشاعة ما نقوم به. لأننا لا نكف عن ذلك اضطررنا أن نعلق ثقباً واحداً لننظر من خلاله لذات الأشياء ونحتفل بالاتفاق القسري! علقتُه.. نظَرَتْ فيه طويلاً وعندما أشارت إليّ أنه دوري وجدتني أزيحه في الاتجاه المعاكس وأنظر من خلاله لأشياء أخرى بانهماك! وعندما انتهيت وجدتها تسير باتجاهٍ معاكس بعيداً عن خطها الموازي، بعيداً جداً! ومن ذلك الحين لم نلتقِ أبداً ولا حتى نتصافح! النظر مع ثقب الباب لا يمنح وجهك فرصة الظهور! * كاتبة سعودية.