دمشق، القاهرة - «الحياة»، أ ف ب - قال رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية في سورية الفريق أول محمد الدابي، إن المراقب الجزائري أنور مالك «لم يغادر لستة أيام» الفندق الذي أقام فيه في حمص وسط سورية، وإنه «لم يشارك أعضاءَ الفريق النزولَ الى الميدان» في حمص، موضحاً أن ما قاله مالك «لا يمت للحقيقة بصلة». يأتي ذلك فيما أعلن مسؤول بالجامعة العربية ان مراقب سوداني ضمن بعثة المراقبين الى سورية «اعتذر عن مواصلة المهمة لأسباب شخصية» ليكون ثاني مراقب بعد مالك يعتذر عن استكمال مهامه. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن الدابي قوله امس، إن تصريحات مالك إلى وسائل اعلام عدة عن الوضع في سورية «لا يمت للحقيقة بصلة». وأضاف:»منذ أن تم توزيع مالك ضمن فريق حمص لم يغادر الفندق طيلة ستة أيام، ولم يشارك أعضاء الفريق النزول إلى الميدان، متعللاً بمرضه الذي يحول دون مرافقة الفريق في جولاته داخل حمص»، موضحاً ان مالك، وقبل مغادرته دمشق بيوم «طلب السماح له بالسفر للعلاج في باريس، وتمت الموافقة له، لكنه غادر قبل اتخاذ الإجراءات التي تستلزم سفره ومن دون أن يسلم العهدة التي تسلمها لمشاركته في المهمة في حمص، ولم ينتظر استخراج تذكرة للسفر وسافر على حسابه الخاص». وأشار رئيس بعثة مراقبي الجامعة الى أن مالك «حنث بالقسم الذي أداه» قبل بدء مهماته بموجب البروتوكول الموقع بين سورية والجامعة العربية، وأن «ما صرح به إنما يقع على مسؤوليته الشخصية، وهو ما يؤكده أعضاء الفريق الذي ذهب إلى حمص»، داعياً وسائل الإعلام الى «تحري الدقة في ما تنشر، وأن تلتزم في رسائلها المنهجية والموضوعية». وفي موازاة تصريحات الدابي، قال رئيس غرفة عمليات الجامعة العربية لمراقبي سورية عدنان الخضير، إن اثنين من المراقبين، هما الجزائري انور مالك ومراقب آخر سوداني، اعتذرا عن مواصلة مهمتهما ضمن البعثة في سورية لأسباب شخصية. وقال في تصريحات للصحفيين امس: «هناك اثنان من المراقبين، أحدهما جزائري والآخر سوداني سيعود الى بلده، اعتذرا، الاول لأسباب صحية والثاني لأسباب خاصة». وأضاف ان بعثة المراقبين «مستمرة في أداء عملها حتى 19 كانون الثاني (يناير) الجاري وفقاً للبروتوكول» الموقع بين الجامعة العربية والحكومة السورية والذي حدد مدة عمل بعثة المراقبين بشهر قابل للتجديد. ولم تعلن الجامعة بعدُ ان كانت ستطلب تمديد مهمة المراقبين العرب في سوريا ام لا. ومن المقرر ان يُتخذ قرار بهذا الشأن خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب يعقد في 19 او 20 كانون الثاني الجاري في القاهرة ويسبقه مشاورات تجريها اللجنة العربية الوزارية المعنية برئاسة الازمة السورية، وفقاً لمصادر الجامعة العربية. وكان مالك قال إنه انسحب من بعثة المراقبين العرب «لانني وجدت نفسي أخدم النظام ... وأشعر أنني أعطيت النظام فرصة اكثر ليمارس القتل ولا أستطيع أن أمنع هذا القتل». وأضاف مالك، الذي قال إنه أمضى 15 يوماً في حمص: «رأينا جثثاً جلدها مسلوخ ومعذبة بشكل بشع ... وفي الحقيقة، الجرائم التي رأيتها فاقت جرائم الحرب». إلى ذلك، أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي، أن تنفيذ الحكومة السورية لجزء من الالتزامات التي أقرت في اتفاق البروتوكول الموقع مع الجامعة العربية يبقى «غير كاف». وأضاف أن مهام البعثة، علاوة على أنها «لم تنته بعد»، فهي «معقدة» و «خطيرة» كذلك. وأوضح أن تقييماً ثانياً لبعثة المراقبين سيجري 20 كانون الثاني الجاري، و «قد يتم اتخاذ بعض المبادرات من أجل تحسين مسار وساطة الجامعة العربية». وتحدث مدلسي في مؤتمر صحافي بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، مساء أول من أمس، بمناسبة انتقال رئاسة مجموعة ال77 من الأرجنتين إلى الجزائر، عن الحاجة الملحة ل «تقييم موضوعي» من المراقبين العرب للوضع السوري «نتيجة للمعلومات المتناقضة حول الوضع في سورية. وذكر أن هذه البعثة تدخل في إطار الخطة الرامية إلى التوصل إلى وقف أعمال العنف وإطلاق سراح المعتقلين وانسحاب الجيش من المدن والتنقل الحر للمراقبين العرب والصحافة. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مدلسي قوله، إنه حتى وإن بدأت الحكومة السورية في تطبيق جزء من هذه الالتزامات، فإن هذا يبقى مع ذلك غير كاف، وزاد أن ما يجب استخلاصه من التقييم الأول لهذه البعثة هو أنه ينبغي تدعيم الفريق المشكل حالياً من 163 عضواً بمضاعفة عدده وتحسينه من الناحية اللوجيستية ايضاً. ولاحظ مدلسي، نقلاً عن بعثة المراقبين، أنها شاهدت «أن العنف المسلح مرتكب في الوقت نفسه من القوات المسلحة للحكومة السورية ومن المعارضة، التي يمتلك جزء منها أسلحة». وتابع: «نتيجة ذلك، يجد المراقبون العرب صعوبات مع الحكومة ومع المعارضة المسلحة، إلى درجة أن المراقبين لم يتمكنوا من الوصول إلى بعض الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة وأن البعض منهم أصيبوا حتى بجروح». وعن صحة وقوف الجزائر ضد فرض عقوبات عربية على سورية خلال مداولات اجتماعات وزراء الشؤون الخارجية العرب، قال مدلسي: «الأمر يتعلق فقط بتخفيف بعض العقوبات الصارمة المقترحة، وذلك بغرض عدم إلحاق الضرر بالمواطنين السوريين».