أعلن رئيس غرفة عمليات الجامعة العربية لمراقبي سوريا عدنان الخضير أن اثنين من المراقبين، هما الجزائري أنور مالك ومراقب آخر سوداني، اعتذرا عن مواصلة مهمتهما لأسباب شخصية، فيما أبدى مراقبون آخرون نيتهم في الانسحاب خلال ساعات أو أيام، بعد أن نشرت تقارير عن كيفية عملهم الخاضعة لتحكم عصابات النظام «الشبيحة» وقوات الأمن. وقال الخضير للصحفيين الخميس «هناك اثنان من المراقبين احدهما جزائري والآخر سوداني سيعود الى بلده اعتذرا، الأول لأسباب صحية والثاني لأسباب خاصة». وأضاف أن البعثة «مستمرة في أداء عملها حتى 19 كانون الثاني/ يناير الجاري وفقا للبروتوكول» الموقع بين الجامعة العربية والحكومة السورية والذي حدد مدة عمل بعثة المراقبين بشهر قابل للتجديد. ولم تعلن الجامعة بعد إن كانت ستطلب تمديد مهمة المراقبين العرب في سوريا أم لا، لكنها قررت الأربعاء تعليق إرسال مراقبين جدد بعد هجوم استهدف فريقها في اللاذقية يوم الإثنين وأسفر عن إصابة ثلاثة مراقبين بجراح طفيفة. ومن المقرر أن يتخذ قرار بتمديد مهمة البعثة خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب يعقد في 19 أو 20 كانون الثاني/ يناير الجاري في القاهرة ويسبقه مشاورات تجريها اللجنة العربية الوزارية المعنية برئاسة الأزمة السورية، وفقا لمصادر الجامعة العربية. وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لتلفزة الحياة المصرية مساء الأربعاء إن التقارير التي تصله من رئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد أحمد الدابي «مقلقة للغاية» مشيرا إلى أن مجلس وزراء الخارجية العرب «سيكون صاحب القرار بشأن الوضع السوري». واعتبر الدابي في بيان صحفي وزعه الخميس أن «التصريحات التي أدلى بها المراقب الجزائري أنور مالك عبر إحدى القنوات الفضائية لا يمت للحقيقة بصلة». وزعم الدابي أن «مالك منذ أن تم توزيعه ضمن فريق حمص لم يغادر الفندق طيلة ستة أيام ولم يشارك أعضاء الفريق النزول إلى الميدان متعللا بمرضه». وأكد المراقب الجزائري المنسحب أن المهمة العربية أخفقت في سوريا والكثير من زملائه يتفقون معه وأن قانونيا مغربيا وعامل إغاثة من جيبوتي ومصريا انسحبوا أيضا وأكد مراقب آخر أن البعثة لا تخدم المواطنين ولا تقدم أي شيءومن المفارقات أن أول منسحب من البعثة جزائري تدافع بلاده عن الخطوات التي يتخذها نظام بشار الأسد. وكان مالك قال لقناة الجزيرة القطرية «انسحبت من بعثة المراقبين العرب ببساطة لأنني وجدت نفسي أخدم النظام (...) وأشعر أنني أعطيت النظام فرصة أكثر ليمارس القتل ولا أستطيع أن أمنع هذا القتل». وأضاف مالك الذي قال إنه أمضى 15 يوما في حمص وسط سوريا «رأينا جثثا جلدها مسلوخ ومعذبة بشكل بشع (...) وفي الحقيقة الجرائم التي رأيتها فاقت جرائم الحرب». وفي باريس، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس أنها تحترم خيار المراقبين العرب المنسحبين. وقال رومان نادال مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية «أخذنا علما بهذه الاستقالات ودوافعها. نحن نحترم خيار كل شخص». وكررت فرنسا تأييدها لبعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا، وأضاف نادال «أكثر من أي وقت مضى، يحتاج المجتمع الدولي إلى مشاركة الجامعة العربية والتزامها لوضع حد للقمع في سوريا الذي أسفر حتى الآن عن كثير من الضحايا». وأكد المتحدث أن تسليم المراقبين تقريرهم في 19 كانون الثاني/ يناير يشكل «لحظة حاسمة» و»ينبغي أن يتيح هذا الأمر للمجتمع الدولي الحكم على الوضع في سوريا ومدى تطبيق النظام لخطة السلام. إن صدقيته اذا حاسمة بالنسبة الى مستقبل المنطقة». وأكد المراقب الجزائري المنسحب أن المهمة العربية أخفقت في سوريا. وقال إن الكثير من زملائه المراقبين يتفقون معه في الشعور بخيبة الأمل. وقال لرويترز إن غضبهم يتضح عند التحدث إليهم، مضيفا أن مستشارا قانونيا مغربيا وعامل إغاثة من جيبوتي ومصريا انسحبوا أيضا من البعثة. وأكد مراقب آخر طلب من رويترز عدم نشر اسمه أنه سينسحب من سوريا اليوم الجمعة. وقال «البعثة لا تخدم المواطنين، لا تقدم أي شيء». وتقول جماعات سورية معارضة إن المراقبين الذين أرسلوا يوم 26 ديسمبر كانون الأول للتحقق مما إذا كانت سوريا تحترم خطة سلام عربية لم يفعلوا شيئا بل أكسبوا الأسد مزيدا من الوقت لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في مارس آذار. ويقود البعثة وهي الأولى من نوعها التي تقوم بها الجامعة العربية الفريق أول الركن محمد أحمد مصطفى الدابي السوداني الجنسية الذي تعرض لانتقادات من جماعات لحقوق الإنسان بسبب دوره في صراع دارفور، بل تشير تقارير إلى أنه تم إدراج اسمه في قائمة لمجرمي الحرب قبل شطبه في وقت لاحق بشأن ذلك الصراع. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الأربعاء إن بعثة المراقبة لا يمكن أن تستمر لأجل غير مسمى ووصفت خطاب الأسد الذي ألقاه يوم الثلاثاء بأنه «ينطوي على سوء نية بشكل مفزع» لأنه يحرر نفسه من «المسؤولية» فيما يحدث لبلاده بكيله الاتهامات دائما الى «المؤامرة» في وقت وصل فيه عدد الضحايا إلى ستة آلاف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمشردين. وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي يرأس لجنة الجامعة بشأن سوريا إن الشكوك تتزايد حول مدى فاعلية المراقبين. وأضاف في مؤتمر صحفي مشترك مع كلينتون بواشنطن الأربعاء أنه لا يرى أن بعثة المراقبين ناجحة. وسيكون أي اعتراف بفشل بعثة المراقبين ضغطا إضافيا على الجامعة العربية لإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لكن دبلوماسيا غربيا توقع أن تعارض الجزائر والعراق ومصر مثل تلك الخطوة.