بعد الفضيحة الصحية المدوّية في فرنسا في شأن حشوة تكبير الثدي المصنعة من مادة السيليكون المسرطِنة، ودعوة 30 ألف فرنسية إلى التخلص من أثدائهن الاصطناعية، انتقل القلق إلى المغرب الذي يشتهر بتقدمه الطبي في زرع الأعضاء وجراحة التجميل، ويعد إحدى الوجهات العالمية المفضلة في هذا المجال. توجّه القلق في البداية نحو مصير المهاجرات المغربيات المقيمات في فرنسا، كونهن يحملن الجنسية الفرنسية ويُحتمل أن يكون عدد منهن خضع لعمليات تجميل أثدائهن، بدءاً من عام 2001 منذ بدء تسويق منتج شركة «Poly Implant Prothèsis / PIP» ذات الريادة العالمية في هذا المجال. لكن القلق ما لبث أن انتشر داخل الأراضي المغربية التي تشهد رواجاً لافتاً لعمليات تكبير الصدر. وانهالت الاتصالات على جرّاحي التجميل للتأكد من نوع حشوة الصدر والعلامة التجارية المستخدمة في المغرب والخطوات الاحترازية المقبلة. تقدّر إحصاءات خبراء التجميل والصحة أن عدد المغربيات اللواتي يلجأن إلى جراحة تجميل لتكبير حجم الصدر أو تقويم شكله، يراوح بين 800 وألف سنوياً، ما رفع حالة الاستنفار والخوف، بعد «انفجار» قضية مادة السيليكون الرديئة المستخدمة أساساً في حشو الفرُش، والقابلة للتفسخ والتمزّق داخل الصدر والتسرب إلى الأنسجة المحيطة، معرقلة بذلك إزالتها بسهولة. صبّت الأنظار في البلاد على الدوائر الصحية في القطاع العام لأخذ موقف واضح من الأزمة المقلقة، ولم يتأخر رد فعل السلطات المعنية. إذ عقدت وزارة الصحة المغربية اجتماعاً طارئاً بين مصالحها المتخصّصة وبين جراحي التجميل وهيئة الأطباء المغاربة، بعد ثلاثة أيام من دعوة وزارة الصحة الفرنسية مواطناتها إلى استئصال حشوة «PIP». وطمأنت الوزارة في بيان رسمي النساء المغربيات، مؤكدة أن مادة السيليكون التي تنتجها شركة «PIP» ليست واردة ضمن المستلزمات الطبية لتجميل الثدي الحاصلة على رخصة التسجيل في المغرب. ومع ذلك، وجهت الوزارة دعوة إلى المغربيات اللواتي أجريت لهن عمليات تقويم أو تجميل سواء داخل المغرب أو خارجه، إلى الخضوع لمراقبة طبية وفحص منتظم بالأشعة لتتبع حالتهن الصحية. كما أوصتهن بمتابعة الفحص المبكر لسرطان الثدي الذي يتصدر قائمة أنواع الأمراض السرطانية الأكثر انتشاراً في المغرب، ويهدد ثلاثة ملايين مغربية. ووضعت الوزارة رقم هاتف للاستعلام والإرشاد في تصرّف المعنيات. لا يستورد في المغرب وأكدت الجمعية المغربية لجراحة التقويم والتجميل أن أعضاءها لم يستخدموا أبداً مواد شركة «بولي أمبلنت بروتيس» التي أعلنت إفلاسها في عام 2010 بعد حظر منتجاتها المصنّعة من السيليكون المخصص لأغراض صناعية بكلفة تقلّ عشر مرات عن نظيره الموجه لأغراض صحية. لكن عدم استيراد المغرب لمادة سيليكون «PIP» لا يلغي احتمال دخول السيليكون المسرطن إلى سوق طب التجميل في شكل غير قانوني. ويفتقد المغرب قانوناً ينظم عملية الاستيراد من الخارج، لذلك توجد المواد المستعملة في التجميل والمواد شبه الطبية خارج القانون والمراقبة. كما أن تأكيدات أعضاء الجمعية المغربية لجراحة التقويم والتجميل عدم استخدام سيليكون ال «PIP» لا يُلغي احتمال استخدام البعض له، لا سيما أن جراحة التجميل تشهد اقتحام أطباء من خارج اختصاص جراحة التقويم والتجميل للمجال. وقد التزم جراحو التجميل المغاربة تتبع الحالة الصحية للنساء حاملات الأثداء الاصطناعية وتحمل الكلفة الطبية الأولى للعلاج، لتشجيع الحملة الاحترازية الرامية إلى احتواء المشكلة الصحية. غير أن الكلفة المادية لن توازي الكلفة الصحية لإزالة المادة الهلامية الخطِرة من الصدر، ولا الكلفة الاجتماعية لفشل رهان الجمال المصطنع. ناهيك بالكلفة النفسية لمعاودة العيش بالثدي الطبيعي غير المرغوب فيه من صاحبته... ويقدر عدد حاملات أثداء الفرش ب 300 ألف امرأة في العالم، معظمهن في أوروبا وأميركا اللاتينية. وتبحث الشرطة الدولية عن مالك شركة «بولي أمبلنت بروتيس»، المنتج الثالث عالمياً لحشوات تكبير الصدر، لاعتقاله وملاحقته قضائياً بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالصحة والحياة.