كتب الدكتور إبراهيم عرفات، أحد الأخوة المصريين، في صحيفة قطرية، مقالاً بعنوان «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، على خلفية إعلان مجموعة من الشباب المصريين على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تأسيس هيئة مصرية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لم يتأكد بعد حقيقة أمرها، مع نفي البعض لهذا التوجه، كما قال بذلك وكيل مشيخة الأزهر السابق الشيخ محمود عاشور، من أنه لن يسمح بأن تكون في مصر جماعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم على تقليد الآخرين! لكن «عرفات» في ما يبدو لم يتمالك نفسه، جراء هذا الخبر غير المؤكد حتى ثارت حفيظته، فبدلاً من أن يوجه امتعاضه ونقده اللاذع لأبناء جلدته، باعتبار أن هذا الأمر ذو شأن مصري داخلي صرف، أراد أن يقحم مجتمع السعودية وجهاز هيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر فيها في زوبعة تأسيس هذه الهيئة المصرية محل الجدل المصري. في الحقيقة عند قراءتي لمقال الأخ عرفات، ذهلت من عباراته الهجومية التي لم يسلم منها المجتمع السعودي، الذي وصفه بالانغلاق والتشدد، كما أنه في معرض تحذيره من مغبة الإقدام على تأسيس هذه الهيئة في مصر الشقيقة، لم يسلم منه جهاز الهيئة السعودي أيضاً، ودلل على عدم صلاحيته في بلده مصر، لما يواجهه جهاز الهيئة في المملكة من نقد المجتمع له، هكذا اختزل بعض وجهات النظر الناقدة للهيئة، جعلها حكماً عاماً للمجتمع في وجه الهيئة، بل زعم مطالبة البعض هنا بإلغائها، وأنها - بزعمه - تحتاج هي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - والله كبيرة يا دكتور - وسماها بالشرطة المدنية. دعونا نحسن الظن بالرجل، لعله لم يدرك بعد أن جهاز الهيئة بالمملكة، جهاز مؤسسي حكومي صرف، لكن هل عميت بصيرته عن كون «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» شعيرة ربانية ثابتة في الكتاب والسنة، كُلِفت بها الأمة قاطبة؟ وهل غفل عن كون هذا الأمر، توجيهاً ربانياً، جاء بصيغة الأمر، وليس بالاختيار؟ وذلك بقوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)، وجعل الخيرية في هذه الأمة المحمدية، كما قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر...) الآية، لم يكن هذا التوجيه الرباني للمجتمع السعودي فحسب! بل كان للأمة الإسلامية حيث كانت، فهل غاظه تشرف هذه البلاد، منذ تأسيسها وحتى الآن وستبقى بحول الله، تقوم بهذه الشعيرة، كما أرادها الله ورسوله «صلى الله عليه وسلم»، باعتبارها سفينة نجاة المجتمع؟ قد يكون الدكتور إبراهيم عرفات من أولئك المتعاقدين لدينا وبسبب موقف معين حدث ولم يرق له، أراد بذلك أن يسدد فاتورته بهذه الكيفية، التي في الحقيقة لا تعبر عن رأي المجتمع المصري الشقيق «المسلم» بقدر ما تعبر عن رأي صاحبها. بقي القول إنه لا يحق له ، تحت أي ظرف، التطاول على اجهزة رسمية في بلادنا، ولا حتى على مجتمعنا بوصفه له بالبيئة المتشددة، وفي الوقت نفسه، أرى أن إثارته تلك، هي ثمرة من ثمرات هذا التراشق العلني غير المحمود بين بعضنا البعض، يستغله لهمزنا وغمزنا، في وقت نحن في غنى عنه، باحتواء نقاشاتنا وآرائنا وأطروحاتنا، ونجعلها في دائرتنا الضيقة، لنفوت الفرصة على الغير... [email protected]