ربما كان للكلمة المأثورة «خاطبوا الناس بلغتهم التي يفهمونها» دور واضح في استقطاب عدد من المهتمين بالتصوير الفوتوغرافي حول العالم، بعد أن قرر القائمون على معرض «همسات ضوئية» السابع، الذي يقام ضمن مهرجان الأصالة والتراث في مدينة القطيف، تصميم إعلان يدعو الراغبين إلى المشاركة في هذا المعرض بمعظم اللغات العالمية، فكانت حصيلة ذلك 490 صورة من 48 دولة حول العالم. وتحولت الجدران البيضاء إلى عالم افتراضي تختلط فيه العادات والتقاليد، وتتشابه في الوجوه، فيما تتحدث الأمكنة وكأنها جزء من كينونة الشخص، وربما يكون ذلك المعرض سياحة مجانية لدول العالم والتعرف على عاداتها وتقاليدها، والسمات الجسمية والعمرانية، عبر عدسات مصوريها، الذين اجتهدوا في الحصول على مساحة جدارية لعرض صورهم في هذا المعرض، والذي يقام للعام السابع وسط اهتمام فوتوغرافي كبير من أهالي المنطقة. ولم يقتصر المعرض على عرض اللوحات الفوتوغرافية، بل تعدى ذلك إلى عدد من الأقسام والفعاليات المختلفة، من بينها معرض المصور الصغير، وهو معرض مخصص للمصورين الفوتوغرافيين الصغار، كبادرة لتشجيعهم على التذوق الفني والمواصلة في هذا المضمار، و15 ورشة تدريبية، ومحاضرات مختلفة تتعلق جميعها بالتصوير الفوتوغرافي وطرق معالجته، إضافة إلى البرامج والتطبيقات المميزة في هذا الجانب. الفنان الفوتوغرافي عباس الخميس، كان شعلة نشاط في هذا المعرض، فهو أحد أركانه الرئيسة، وأحد مؤسسيه منذ انطلاقته الأولى، فيما لا يتوانى عن شرح عدد من الإمكانات الفنية لكل صورة، ولا يتردد في تشجيع الصغار على الدخول في هذا المضمار. وأوضح الخميس أن «عدد المشاركات تجاوز أكثر من 1200 عمل، تم اختيار 490 منها، بعد أن تمت دعوة الفوتوغرافيين في العالم عبر إعلان ترويجي للمعرض كُتب بأكثر من لغة عالمية». وأضاف أن مدة استقبال الأعمال الفنية، ناهزت ثلاثة أشهر، فيما تم استبعاد الأعمال الضعيفة حفاظاً على قوة المعرض وحضوره للعام السابع على التوالي. وذكر أن الطلاب المبتعثين في مختلف دول الابتعاث أسهموا في نجاح المعرض، من خلال إسهامهم في ترويج الإعلانات ودعوة المهتمين والفوتوغرافيين للمشاركة»، لافتاً إلى أن سهولة إجراءات التسجيل ورفع الصور من أي مكان في العالم أسهمت في قوة المعرض وحضوره العالمي. وعن الحضور النسائي الطاغي في هذا المعرض، قال: «لا توجد لدينا أولويات قبول في الجنس، ولكن يبدو أن المرأة حالياً استطاعت فرض نفسها بقوة، بما تتمتع به من حس مرهف، وهذا ما يحتاجه الفن الراقي»، موضحاً أن المرأة تمتلك عيوناً فوتوغرافية جميلة، فهي لها منظورها الخاص ونظرتها المميزة في الزوايا الفوتوغرافية، إضافة إلى مهاراتها الرائعة في معالجة الصور. وأكد أن المعرض يحوي أقسام عدة وهي: «البورتريه»، وتصوير الشارع، والإنسان والعمل، والطفل، والطبيعة الصامتة، وتصوير الطعام، والماكرو، والتصوير التجريدي، والتصوير المعماري، وتصوير «الأكشن»، وقسم الصور التراثية، والتصوير تحت الماء، وتصوير الطبيعة. وقال أحد مسؤولي المعرض: «هذه التجربة احتفظت بمكانتها في روزنامة الفعاليات الموسمية، والمسؤولية الملقاة على عاتقنا للحفاظ على هذه المكانة والاستمرار في تطويرها، لذلك قررنا المضي باتجاه تطوير الدورات التدريبية لتتجاوز مرحلة المبتدئين إلى الدورات التخصصية، وعمدنا إلى الصرامة والتدقيق في اختيار الأعمال المقدمة للمعرض، كسبيل للوصول إلى معرض متوازن في معروضاته ومتقدم في مقارباته البصرية». وتماشياً مع اتجاهات المهرجان الرمضاني الذي يمثل المظلة الواسعة لنشاط همسات السنوي، تطلق إدارة معرض همسات مسابقتها الأولى للتصوير التراثي بعنوان: «القطيف حضارة غنية»، وهو شعار المهرجان لهذا العام، والرغبة تحدونا إلى إنتاج تجارب بصرية ثرية بروح المكان، تجارب تذهب إلى اكتشاف جمالياته، وتوثيق يومياته، بنحو يليق بماضي وحاضر ومستقبل هذه المحافظة الجميلة. وأكد حسين أحمد (مشارك في المعرض) أن ما يميز معرض همسات عن المعارض الفوتوغرافية الأخرى هو قبولهم للمصور الفوتوغرافي بعيداً من خبراته وإمكاناته بخلاف بقية المعارض التي تشترط أن يكون المشارك اسماً لامعاً في هذا العالم.