تعتمد السياسة السعودية في مجملها وتعاطيها مع كثير من الملفات الشائكة المحيطة بالمنطقة، إلى الركون نحو تفعيل القرارات التي من شأنها بث الاستقرار وعدم نشر التوتر أو التصعيد، دونما تفريط أو تهاون في أخذ القرار والإجراء الدولي المناسب وقتما وحيثما تطلب ذلك. كما يحتل أمن الخليج واستقراره أولوية قصوى لدى خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكومته، وهو ما بدا جلياً في تحذيره قادة دول مجلس التعاون خلال ترؤسه القمة الخليجية في دورتها ال32 التي استضافتها الرياض في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2011 من أن أمن دول الخليج مستهدف، وأوضح في الجلسة الافتتاحية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي أنه: «لا شك في أنكم جميعاً تعلمون أننا مستهدفون في أمننا واستقرارنا، لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا». وأشار خادم الحرمين في كلمته التي وصفها بعض المحللين بأنها قدمت موجزاً سياسياً ورؤية مستقبلية واقعية حول أمن المنطقة ومستقبلها، إلى أنه ينبغي لدول مجلس التعاون الخليجي التكيف مع الظروف الجديدة في الشرق الأوسط بعد الانتفاضات التي اجتاحت بعض البلدان العربية هذا العام. وقال: «لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا. لذلك نطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد». ما تضمنته كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في افتتاح القمة الخليجية الأخيرة، هو ذاته ما عبر عنه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز في كلمته التي ألقاها في مؤتمر «الخليج والعالم» الذي عقد في الرياض في الفترة من 3- 5 ديسمبر، وقال فيها إن: «أمن منطقة الخليج العربي يأتي في مقدمة أولويات واهتمامات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي مجتمعة وعلى مستوى كل دولة من الدول المجلس الست، لأن الأمن الوطني والخليج فضية حيوية واستراتيجية مرتبطة بحياة المواطن اليومية وأسرته ومستقبله وتوفير الأمن وتثبيته والحفاظ عليه من أهم مظاهر سيادة الدولة على أراضيها، ومن أولى مسؤوليات الحكومات بل أمانة في عنقها تجاه شعبها لا يمكن التفريط فيها أو المساس بها في أي وقت وتحت أي ظرف». وأوضح الأمير نايف بن عبدالعزيز في كلمته أن: «الحكومات الخليجية لن تتواني في توفير الأمن والحفاظ عليه، ولن تدخر جهداً في حماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها ما دام ذلك من مسؤولية الدولة وبما تقره القوانين والأنظمة التي ارتضتها الشعوب وتنفذها الدولة من أجل المصلحة العليا للوطن». وأكد أنه: «إذا كان توفير الأمن في الظروف العادية من أولى مسؤولية الحكومات، فإن المسؤولية تكون أعظم والأمانة أثقل على كاهل حكومات دول الخليج لأن شعوب هذه الدول تعيش في منطقة مضطربة، تشهد حالياً حالة من التجاذب الدولي، والتلويح باستخدام القوة، وإشهار ورقة السلاح النووي، ومحاولات لتمدد النفوذ الإقليمي والدولي، ومخططات لإيقاظ فتن طائفية ومذهبية بين أبناء الوطن الواحد، وخطط معلنة وأخرى سرية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية، فيما تشهد دول مجاورة أو ليست بعيدة فراغاً أمنياً وما يشبه الحرب الأهلية، مع استمرار محاولات التنظيمات الإرهابية لاستهداف المصالح الحيوية للدول الخليجية، وتهديدات الجريمة المنظمة كتهريب المخدرات وأعمال القرصنة». مشيراً إلى أن : «كل ذلك يستهدف منطقة حيوية من العالم من حيث مخزونها من الطاقة أو لموقعها الحساس أو لتأثيرها في مصالح كثير من دول العالم». وأكد أن: «هذا الاستهداف يتطلب يقظة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لما يحاك لها، أو يتم تدبيره في الخفاء سواءً من جانب دول إقليمية أو جماعات إرهابية أو تنظيمات مسلحة ذات أيديولوجيات وأجندات خاصة، تحاول أن تزعزع أمن واستقرار هذه المنطقة». هذه الرؤية التي تنقلها القيادة السعودية في كل محفل دولي تشارك فيه، ترسخ دائمً لمفهوم الاستقرار، وتؤكد أهميته، وتنقل صورة واقعية عن حقيقة السياسة السعودية الخارجية بعيداً عن أية إرهاصات أو مزايدات».