تتألف منحوتة «7» للأميركي ريتشارد سيرّا من سبع صفائح من الفولاذ، طول الواحدة منها 80 قدماً وعرضها ثمانية أقدام وسماكتها أربعة إنشات. هي واحدة من أطول المنحوتات العمودية في العالم، والعمل العام الأول لسيرّا في الشرق الأوسط. يبلغ عرض الجزء السفلي من المنحوتة عشرة أقدام، بينما عرض الجزء العلوي منها تسعة أقدام. تشكل صفائحها الفولاذية السبع شكلاً سُباعياً على الأرض مع ثلاث فتحات مثلثة الشكل، وسبع كوى جانبية في الأعلى. موقعها في نهاية الكورنيش ينشئ «حواراً» بصرياً مع المتحف الإسلامي وزرقة البحر من جهة، ومع الأبراج المزروعة كالعشب على الضفة المقابلة للشاطئ. ومن يدخل المنحوتة يشعر بأنه يجتذب المتحف إلى فضائها الداخلي. أما من بعيد، فتبدو «7» أشبه بمنارة تجذب الناس لزيارة الحديقة والتنزه في أرجائها وعلى رصيفها الطويل. يقول سيرّا ل «الحياة»: «أنا مهتمّ بالفن الإسلامي ودرست تاريخ عمارة المآذن وأشكالها عبر العصور، من اليمن الى إسبانيا. وعندما استدعتني الشيخة المياسة بنت حمد لأشارك في عمل خاص هنا، جهدت كثيراً لأستلهم منحوتة لمكان عام من روح الفن الاسلامي، تنسجم مع المتحف». ويضيف: «أردت بناء منحوتة عالمية مميزة، تحاكي الثقافة الإسلامية، فبحثت عن المساجد ومآذن فريدة، الى أن وجدت ضالتي في مدينة شانزي في أفغانستان حيث استوحيت من جامعها، العائد الى القرن العاشر الميلادي، والذي تختلف مئذنته بشكلها المسطّح عن كل المآذن الدائرية التي عرفتها في حياتي». ويأمل سيرّا في أن «تكون المنحوتة مكاناً عاماً وحيزاً خاصاً في الوقت نفسه، يجتمع الناس حوله لاختبار العمود المفتوح الضيق بالنسبة إليهم، ولرؤية المتحف الإسلامي ومدينة الدوحة». وهذه المنحوتة، شأنها شأن منحوتات سيرّا الضخمة المثيرة للجدل في متحف الفن الحديث في نيويورك وفي مركز جورج بومبيدو في باريس وفي متحف «مونومينتا» في القصر الكبير في باريس أيضاً، وغيرها من متاحف لندن وبرلين وإيسن وروما، تبرز التناقض بين قوى الجاذبية التي تشدّ الوزن الهائل للمنحوتة الى الأسفل والصعود العمودي لهيكلها، ما يوحي بحالة من انعدام الوزن. فقد اشتهر سيرّا بمنحوتاته الكبيرة المصنوعة من الرصاص والفولاذ، والتي تعطي طابعاً درامياً ومأسوياً أحياناً، مستلهماً ذلك من طبيعة عمله عندما كان طالباً في جامعة «يال»، حيث عمل في مصانع صهر الفولاذ ليُعيل نفسه. وكأن سيرّا، الذي يعتبرُ الرسم ممارسة والخط أساساً لصياغة انحناءات المادة (المنحوتة)، يجري مع كل ابتكار حواراً جديداً مع الطبيعة المحيطة بكل منحوتة، ومع المحيط المديني والهندسي لها، فمنحوتاته الصعبة والمبتكرة نحيفة وبسيطة وغريبة، لا تتجزأ ولا تنفصل عن المكان الذي تنزرع فيه، وتعكس تذوّق الفنان للعبة التوازن والمنظور.