«تغريدة». ليست ما تشدو به العصافير، ولا حتى الزغاريد المنطلقة من الأفواه بموسيقى صاخبة طويلة. إنها «تغريدة» Twit، لكنها رقمية. وهي اسم النصوص القصيرة التي يكتبها الجمهور على موقع «تويتر» Twitter. يشار إلى «التغريدة» أيضاً بأنها مُدوّنة قصيرة، مكتوبة بطريقة تُذكّر برسائل الخليوي القصيرة. ومع انتشار الهواتف النقّالة التي تستطيع الدخول إلى الإنترنت، صارت «التغريدة» تطلق من «تويتر» إلى الخليوي وبالعكس، ما زاد من طرق الاتصال الفوري بين الناس، خصوصاً الشباب لأنهم يتقنون التعامل مع هذه التقنيات. كم من «تغريدة» على «تويتر» جرى إطلاقها من قلب «ميدان التحرير» أثناء «ثورة 25 يناير» للتحذير من هجمات البلطجية وقوى الأمن، والإبلاغ عن اعتقال الشباب والنشطاء، وقدوم الإمدادات والجموع وغيرها. وجدت «تغريدات» الثورة طريقها أيضاً إلى «فايسبوك» والهواتف المحمولة وشاشات ال «توك شو» على الفضائيات، كي تقدّم معلومات عما يجرى حقاً في «الميدان». وذاع صيت «تغريدات» موقع «تويتر» في مصر، بل نافست الصيت الواسع الذي حازه «فايسبوك». كان عام 2011 هو عام الاستخدام الأمثل للشبكة العنكبوتية والتطبيق الأعمق لديموقراطية المعلوماتية. في المقابل، يؤكّد واقع الحال أن مصر مازالت بعيدة من الديموقراطية وأدواتها، كما أنها ما زالت بعيدة من الانخراط القوي في ثورة المعلوماتية. فمع أمية أبجدية تتراوح نسبتها مصرياً بين 22 و25 في المئة، يبدو الطريق صعباً، لكنه ليس مستحيلاً، لوصول أدوات المعرفة الحديثة إلى الجميع. وعلى رغم قدرة مستخدمي الإنترنت على حشد جمهور من خارج الإطار الإلكتروني، إلا أن النتيجة ستكون الحصول على حشد موجها، ولو بحسن نية، وتوعية ذات أجندة مسبقة حتى لو هدفت إلى تحقيق المصلحة العامة. ويخفّف من وطأة هذه الصعوبة، أن الخليوي نجح في الوصول إلى أيدي 76 مليون مصري. كلمة أخيرة عن ثورة «فايسبوك» التي خرجت إلى الدنيا محمّلة بمزايا المُدوّنات وأشرطة «يوتيوب» و»تغريدات» موقع «تويتر»، وهي أن ثورة المعلوماتية وتقيناتها المعرفية وأدواتها الاتصالية، ما كانت لتحقّق النجاح في جذب الحشود لولا توافر العوامل البشرية، وضمنها حماسة الشباب والإمكانات المادية، وحتى استبداد الديكتاتورية وفسادها وطغيانها وتخشّبها وفشلها.