مرة أخرى تكشّف الوجه الحقيقي ل «محكمة العدل العليا» الإسرائيلية في تماهيها مع الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تتعارض والقانون الدولي، إذ ردت المحكمة مطلع الأسبوع التماساً قدمته منظمة حقوقية إسرائيلية يسارية «يش دين» («توجد عدالة») ضد استغلال إسرائيل الموارد الطبيعية في الضفة الغربية لمصلحتها. وأعطت المحكمة الشرعية لدولة الاحتلال لتواصل عمل الكسّارات الإسرائيلية شرق مدينة القدسالمحتلة بداعي أن مواصلة العمل لا يتعارض والقانون الدولي. وانتقد الأستاذ الجامعي في القانون البروفيسور أيال غروس قرار المحكمة، وكتب في صحيفة «هآرتس» أن قرار المحكمة يتعارض بشدة والقانون الدولي المتعلق بدول احتلال وأرض واقعة تحت الاحتلال. وأضاف إن القرار الأخير للمحكمة «يجسد وضعية يتم فيها تحت نظام احتلال موقت ضم زاحف للضفة الغربية ومواردها لمصلحة إسرائيل». وأضاف أنه لا يحق لإسرائيل كدولة احتلال أن تنقل 94 في المئة من إنتاج الكسارات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى داخل إسرائيل وأن تتصرف بموارد طبيعية في أراض واقعة تحت احتلالها كأنها تتصرف مع الموارد في الأراضي الخاضعة لسيادتها. وزاد أن القانون الدولي ينص على أن تقوم إسرائيل بإدارة شؤون الأراضي المحتلة لمصلحة سكان هذه الأراضي إلى حين انتهاء الاحتلال، لا أن تتصرف كدولة ذات سيادة على هذه الأراضي. واستهجن غروس ما كتبته رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش في تبريرها مواصلة عمل الكسارات الإسرائيلية بأنه «يجب ملاءمة القانون الدولي مع المستجدات على أرض الواقع»، في إشارة إلى أن الكسارات تعمل منذ 40 عاماً. وكانت المنظمة الحقوقية، التي التمست قبل عامين لدى المحكمة العليا، استندت في دعواها إلى القانون الدولي الذي يحرم استغلال دولة احتلال مقدّرات الأراضي التي تحتلها لمصلحتها كما يحظر أي عمل من شأنه أن يؤثر على الطبيعة الديموغرافية للأراضي المحتلة. لكن رئيسة المحكمة قبلت بادعاء ممثلي النيابة الإسرائيلية بأن الفلسطينيين يستفيدون من عمل الكسارات، وأن إغلاقها أو وقف عملها سيضر بالفلسطينيين وبمشغّلي الكسارات على حد سواء. وتجاهلت المحكمة حقيقة أن إسرائيل تسرق 94 في المئة إنتاج الكسارات إلى أراضيها، وأن الكسارات في الأراضي الفلسطينية تغطي ربع احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي من المواد الخام. كما تجاهلت حقيقة أن المستفيدين من عملها من الفلسطينيين هم عمال قلائل. وقبلت المحكمة بادعاء النيابة العامة بأن عمل الكسارات تم تسويته في اتفاق السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية (اتفاقات أوسلو) «إلى حين التوصل إلى الاتفاق النهائي»، وأنها احترمت بنداً آخر في الاتفاق يقضي بعدم فتح كسّارات جديدة في أنحاء الضفة الغربية. كما قبلت رئيسة المحكمة بالادعاء بأن عمل الكسارات يتيح إقامة مشاريع اقتصادية لمصلحة سكان منطقة الكسارات، وأن «الإدارة المدنية» التابعة لجيش الاحتلال تقوم بصرف أموال كثيرة لتطوير المنطقة الواقعة فيها الكسارات (المعروفة بالمنطقة C). كذلك قبلت المحكمة بادعاء النيابة بأن الأراضي المقامة عليها الكسارات ليست مملوكة لأحد.