- انخفضت احتمالات تراجع حاد للاقتصاد الصيني مقارنة بما كانت عليه مطلع السنة، إذ كانت الحكومة تطبق الإصلاحات الهيكلية منذ العام الماضي، ما سبب تراجعاً اقتصادياً واسع النطاق. ولا تزال هذه التعديلات مستمرة وتتطلب بعض الوقت قبل ظهور أثرها الإيجابي في الاقتصاد، وتشمل دمج القطاعات ذات القدرة الفائضة الكبيرة، وشن حملة ضد الفساد السائد بين المسؤولين الرفيعي المستوى، إضافة إلى تحرير القطاع المالي وتنظيم مثيله المتزايد غير الرسمي، إلى جانب إصلاحات أخرى. وأشار الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير إلى أن «الأشهر الأولى من السنة شهدت مخاوف من أن الحكومة ستعجز عن إدارة التباطؤ، ما عزز توقعات بانخفاض أكثر حدة في النمو الاقتصادي، ولكن تراجع الاقتصاد حتى الآن لم يُحدث ضرراً كبير ولم يؤدِ إلى انعدام الاستقرار». وأضاف: «في الربع الأول من السنة، تباطأ الناتج المحلي إلى 7.4 في المئة على أساس سنوي بعدما سجل 7.7 في المئة خلال الربع السابق والجزء المتبقي من السنة، وكان هذا التباطؤ متوقعاً من المحللين الذين أجمعوا على تباطؤ يصل إلى 7.3 في المئة على أساس سنوي». ولفت إلى أن «معظم القطاعات شهدت تراجعاً في النمو، ولكنه كان واضحا جداً في قطاع الاستثمارات، وتحديداً في البنية التحتية والعقار، ومن خلال عدم التدخل لضخ الحوافز الكبيرة لقطاع البنية التحتية في الربع الأول، أظهرت الحكومة أن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لا يزال على رأس أولوياتها». وتابع «بهدف تخفيف أثر الإصلاحات في الاقتصاد، ضخت الحكومة كميات صغيرة من السيولة نحو قطاعات معينة، على شكل حوافز صغيرة وسياسة نقدية أقل تقييداً، وذلك لعدد معين من البنوك، مثل التي تستهدف المناطق الريفية والشركات الصغيرة، وأصبح أثر ذلك واضحاً الآن، إذ نما الإنتاج الصناعي في أيار (مايو) الماضي بعدما بلغ في نيسان (أبريل) أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية، كما كان الإنتاج الصناعي يتراجع شهرياً قبل أيار بستة أشهر». ونمت استثمارات البنية التحتية إلى أعلى مستوياتها منذ تسعة أشهر لتصل إلى 28 في المئة على أساس سنوي في أيار، داعمة إجمالي استثمارات الأصول الثابتة. وفيما تعود التدخلات الحكومية الصغيرة بالفائدة على المدى القصير، إلا أنها تعني أن الإصلاحات الهيكلية المتعبة ستتطلب وقتاً أطول من المتوقع لتطبق، بينما يتمتع القطاع المالي الرسمي والشخصي بالاستقرار خلال السنة. وأضاف عقاد: «أظهر التحديث الاقتصادي الذي صدر أخيراً مع صدور المؤشر الفوري لمديري المشتريات لبنك «اتش اس بي سي»، الذي يتابع التغيرات الشهرية لوجهات نظر المديرين بالنسبة لأوضاع العمل، أن أكثر من 50 في المئة منهم يعتبرون أن أوضاع العمل تتحسن مقارنة بالشهر الماضي، ما يشير إلى بيئة عمل متوسعة». وأظهر المؤشر أن القطاع الصناعي الصيني توسع للمرة الأولى هذه السنة خلال حزيران (يونيو) الماضي ليسجل 50.8 مقارنة ب 49.4 في أيار، وذلك نتيجة ارتفاع الطلب محلياً وخارجياً، ما أدى إلى زيادة الإنتاج. وأوضح عقاد أن «الدعم الاقتصادي الحكومي ساهم في تنشيط الإنتاج الصناعي، بينما عمل القطاع الاستهلاكي المستقر في الولاياتالمتحدة، إلى جانب الانتعاش التدريجي في منطقة اليورو، على دفع طلبات التصدير، وعلى رغم ذلك بقيت عملية التوظيف ضعيفة في القطاع الصناعي، ما قد يشكل مصدر قلق متزايد مع تقلص الصناعات ذات القدرة الفائضة». وأشار إلى أن «الحكومة الصينية تدير التباطؤ الاقتصادي جيداً، إذ استقر الاقتصاد بعد أشهر من التراجع، ويُتوقع أن يعود للنمو مع تطبيق الدعم الحكومي، إلا أن الارتفاع الأخير في استثمارات البنية التحتية يدل على انتقال أولويات الحكومة من تطبيق الإصلاحات الهيكلية إلى زيادة النمو على المدى القصير، وعلى أن معدل الناتج يأتي مناسباً».