انخفضت احتمالات الهبوط الصيني الحاد عما كانت عليه في بداية العام فقد كانت الحكومة تطبق الإصلاحات الهيكلية منذ العام الماضي، ما سبب تراجعاً اقتصادياً واسع النطاق. ولا تزال هذه التعديلات تجري وتتطلب بعض الوقت قبل أن يظهر أثرها الإيجابي على الاقتصاد. وهذا يشمل دمج القطاعات ذات القدرة الفائضة الكبيرة، وشن حملة ضد الفساد السائد بين المسؤولين رفيعي المستوى، بالإضافة إلى تحرير القطاع المالي وتنظيم القطاع المالي غير الرسمي المتزايد، إلى جانب إصلاحات أخرى. في الأشهر القليلة الأولى من هذا العام، كانت هناك مخاوف من أن الحكومة لن تكون قادرة على إدارة التباطؤ، ما زاد التوقعات بانخفاض أكثر حدة في النمو الاقتصادي. وحتى الآن، تراجع الاقتصاد الصيني ولكن دون أي ضرر كبير من انعدام الاستقرار. ففي الربع الأول من عام 2014، تباطأ الناتج المحلي الصيني إلى 7.4% على أساس سنوي بعد أن بلغ 7.7% في الربع السابق، وفي باقي العام. وكان هذا التباطؤ متوقعاً من المحللين الذين أجمعوا على توقعات بتباطؤ يصل إلى 7.3% على أساس سنوي. وشهدت معظم القطاعات تراجعا في النمو، ولكنه كان واضحا جداً في قطاع الاستثمارات، وتحديدا في البنية التحتية والعقار. ومن خلال عدم التدخل عن طريق ضخ المحفزات الكبيرة لقطاع البنية التحتية في الربع الأول، أظهرت الحكومة أن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لا يزال على رأس أولوياتها. ولتخفيف أثر الإصلاحات على الاقتصاد، ضخت الحكومة كميات صغيرة من السيولة نحو قطاعات معينة، بصورة محفزات صغيرة وسياسة نقدية أقل تقييداً، وذلك لعدد معين من البنوك مثل التي تستهدف المناطق الريفية والشركات الصغيرة. وأصبح أثر ذلك واضحاً الآن، حيث نما الإنتاج الصناعي في مايو بعد أن بلغ في أبريل أقل مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية. كما كان الإنتاج الصناعي يتراجع شهرياً قبل مايو بستة أشهر. ونمت كذلك استثمارات البنية التحتية إلى أعلى مستوى لها منذ تسعة أشهر لتصل إلى 28% على أساس سنوي في مايو، داعمةً إجمالي استثمارات الأصول الثابتة. وفيما تعود التدخلات الحكومية الصغيرة بالفائدة على المدى القصير، إلا أنها تعني أن الإصلاحات الهيكلية المتبعة ستتطلب وقتاً أطول من المتوقع ليتم تطبيقها. وفي الوقت الحالي، يتمتع القطاع المالي الرسمي والشخصي بالاستقرار خلال العام. وصدر آخر تحديث اقتصادي الأسبوع الماضي مع صدور مؤشر مديري المشتريات لبنك "اتش اس بي سي" (HSBC PMI) الفوري، وهو مؤشر يتابع التغييرات الشهرية لوجهات نظر المديرين بالنسبة لأوضاع العمل وتعني القراءة الأكبر من 50 للمؤشر أن أكثر من 50% من المديرين يروون أوضاع العمل تتحسن أفضل من الشهر الماضي، ما يشير إلى بيئة عمل متوسعة. ويصدر كل من مكتب الإحصاء الوطني الصيني وبنك "اتش اس بي سي" (HSBC PMI) قراءاتهما لمؤشر مديري المشتريات بشكل شهري وذلك للقطاعات الصناعية وغير الصناعية. وبحسب مؤشر مديري المشتريات لبنك "اتش اس بي سي" (HSBC PMI) الفوري، فإن القطاع الصناعي الصيني توسع للمرة الأولى هذا العام في يونيو بعد أن قفز المؤشر من 49.4 في مايو إلى 50.8. وكان التوسع نتيجة لارتفاع الطلب، محلياً وخارجياً على حد سواء، ما أنتج زيادة في الإنتاج. وقد ساهم الدعم الاقتصادي الحكومي في تحفيز الإنتاج الصناعي، بينما عمل القطاع الاستهلاكي المستقر في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى جانب الانتعاش التدريجي في منطقة اليورو على دفع طلبات التصدير. ومع ذلك ظلت عملية التوظيف ضعيفة في القطاع الصناعي، وقد يكون هذا مصدر قلق متزايد مع تقلص الصناعات ذات القدرة الفائضة. الحكومة الصينية تدير التباطؤ الاقتصادي بشكل جيد فقد استقر الاقتصاد بعد أشهر من التراجع، ومن المتوقع أن يعود للنمو مع تطبيق الدعم الحكومي. ومع ذلك، فإن الارتفاع الأخير في استثمارات البنية التحتية يدل على انتقال أولويات الحكومة من تطبيق الإصلاحات الهيكلية إلى زيادة النمو على المدى القصير، كما يدل على أن معدل الناتج المحلي الإجمالي، والبالغ 7.5% على أساس سنوي، يأتي مناسباً للعام 2014. وستستمر الحكومة في تطبيق الإصلاحات، لكنها ستكون أبطأ مما كانت عليه في بداية العام. ومن المحتمل جداً أن يتراجع الاقتصاد الصيني في عام 2014 مقارنة مع العام الماضي، لكن في الوقت الحالي يمكن توقع بعض التصحيحات على السياسات المالية والنقدية التي ستدعم النمو على المدى القصير. * آسيا للاستثمار ففي الربع الأول من عام 2014، تباطأ الناتج المحلي الصيني إلى 7.4%