كانت الولاياتالمتحدة تتصدر الريادة التجارية في العالم لعقود وتسجّل أعلى مستوى صادرات وواردات عالمياً، ولكن منذ ستة أشهر تغيّر الوضع وأطاحت الصين بها لتصبح الأولى في هذا المجال. وأشار المحلل الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد، إلى أن التبادل التجاري الأميركي عام 2012 بلغ 3.82 تريليون دولار مقارنة ب3.87 تريليون للصين. ورجح أن يستمر هذا التوجه مع تزايد التبادل التجاري شهرياً، إذ ارتفع من 44.8 بليون دولار في كانون الأول (ديسمبر) 2012 إلى 111.2 بليون في شباط (فبراير) الماضي. وعزا هذا الاتجاه إلى أسباب عدة، أبرزها أن نمو الصادرات الصينية بدأ يتعزز بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، أما في الولاياتالمتحدة، فانخفض وزن القطاع الصناعي في الاقتصاد إلى النصف بين عامي 1970 و2010، مع انخفاض نمو الصادرات وانتقال المصانع إلى آسيا. وعلى مستوى الواردات، برز الاختلاف بين الصين والولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة، إذ كان نموذج النمو الصيني الذي يعتمد على الاستثمار وتصنيع الصادرات مكثفاً جداً، داعماً ارتفاع واردات الطاقة والمدخلات التي يحتاجها الاقتصاد للتصنيع، وخصوصاً بعد أزمة عام 2008. وفي الوقت ذاته، طورت الولاياتالمتحدة تقنيات جديدة، خصوصاً في مجال استخلاص النفط الصخري، الذي خفض اعتمادها على الطاقة وحجم وارداتها. ولفت عقاد إلى أن الصين أصحبت أكبر مصدّر في العالم منذ العام 2010، متجاوزة ألمانيا، ولكن واردات الولاياتالمتحدة تفوق واردات الصين ب420 بليون دولار، وهو فارق قليل نسبياً مقارنة بعام 2006 حين كان تريليون دولار. وفي حال استمرار هذا النمط، ستسبق الصين الولاياتالمتحدة كأكبر مستورد في العالم خلال أقل من أربع سنوات أو أقل، نتيجة اختيارها التخلص من التباطؤ الاقتصادي المستمر عبر رفع الاستثمارات، إلى جانب الإعلان عن مشاريع عقارية مهمة هذه السنة. وسيتطلب تطوير البنية التحتية التي تحتاجها الصين، استهلاكاً كبيراً للطاقة والمواد الخام والسلع الأساس، ما سيرفع الطلب عليها ويزيد الواردات. ويعمل القادة الصينيون على تحويل الاقتصاد من اقتصاد يعتمد على التصدير إلى اقتصاد يعتمد على الاستهلاك المحلي، وفي حين تنتقل البلاد إلى مرحلة أعلى في سلسلة الإمدادات وتدفع الرواتب العالية الصناعات الخفيفة في أماكن أخرى، سيكون للاستهلاك دور أكبر في الاقتصاد، ما سيتطلب نمواً في واردات السلع الاستهلاكية. وشدد على أن الصين أصبحت أكبر مصنّع للسيارات في العالم التي يجب تصدير 90 في المئة منها، بينما يعزز نمط انتقال ملايين المواطنين سنوياً إلى المدن ليصبحوا جزءاً من الطبقة المتوسطة التي تنمو باستمرار، حاجة البلاد إلى تصدير مزيد من السلع والمنتجات. وتتجه الصين لتكون أكبر اقتصاد يعتمد على الاستهلاك في العالم، ما يعني أن دورها كمحدد للأسعار العالمية سيصبح أكبر، خصوصاً في ما خص أسعار السلع، لتعزز بذلك دورها المركزي في الاقتصاد العالمي. وأوضح عقاد أن على الولاياتالمتحدة أن تكون أكثر إبداعاً لتتمكن من المنافسة، وذلك عبر التسابق الصناعي والتكنولوجي، أي أن تواصل ما تفعله الآن مع ثورة النفط الصخري. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فستعمل على ارتفاع الطلب على النفط في السنوات المقبلة على رغم تراجع الطلب الأميركي، إذ سيزيد الطلب الآسيوي الحاجة إلى المنتجات التي تعتمد على الطاقة. وستتنوع القطاعات التي ستدعم الطلب على منتجات الطاقة الخليجية، من قطاع الخدمات والأدوات المنزلية إلى قطاع المواصلات. وعلى سبيل المثال، احتلت الصين العام الماضي المرتبة 111 في العالم لجهة عدد السيارات للفرد الواحد، وكان المعدل فيها 85 سيارة لكل ألف شخص، وهناك مجال كبير لزيادة هذه النسبة، ما سيقوي علاقاتها مع دول الخليج. النمو أقل من التوقعات والتعافي يتعثر بكين - رويترز تعثّر التعافي الاقتصادي في الصين في الربع الأول من السنة مخالفاً التوقعات، مع تباطؤ إنتاج المصانع والإنفاق على الاستثمار، ما دفع محللين إلى خفض تقديرات النمو لهذه السنة، على رغم إصرار المسؤولين على أن النظرة المستقبلية «متفائلة». ونما ثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 7.7 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لكن بوتيرة تقل عن الربع الأخير من العام الماضي، مسجلاً خلالها 7.9 في المئة. وجاءت النسبة أقل من توقعات وكالة «رويترز» لنمو نسبته 8 في المئة. وأعلن الناطق باسم مكتب الإحصاءات الوطني شنغ لاي يون، أن «أساسات الاقتصاد الصيني لم تتغير، ونحن واثقون من النمو في المستقبل ومتفائلون تجاه تحقيق هدف النمو لهذه السنة». وحددت الصين معدل نمو للناتج المحلي لهذه السنة ب7.5 في المئة، وهو مستوى «سيوفر عدداً كافياً من الوظائف كما سيفسح في المجال لتنفيذ إصلاحات هيكلية، تعتبرها الحكومة وخبراء دوليون ضرورية لوضع النمو على مسار مستدام في المدى الطويل». ولفت شنغ، إلى استقرار «معدل التوظيف، وهو مؤشر رئيس لاستقرار الاقتصاد في الصين»، ونقل عن وزارة العمل بيانات تفيد بأن الصين «أتاحت أكثر من ثلاثة ملايين فرصة عمل في الربع الأول». وسجل الإنتاج الصناعي نمواً بلغ 8.9 في المئة على أساس سنوي في آذار (مارس) الماضي، في مقابل توقعات لتسجيل نمو 10 في المئة. ونمت الاستثمارات في الأصول الثابتة 20.9 في المئة في الربع الأول، مقارنة بتوقعات السوق المقدرة ب21.3 في المئة.