تجرى محادثات مكثفة بين واشنطن وكابول، منذ تم الإعلان عن انسحاب كامل للقوات الأجنبية من أفغانستان في عام 2014،وتتركز المحادثات على تحديد طبيعة العلاقة بين الدولتين، بعد انتهاء فترة وجود القوات العسكرية الأميركية والناتو في أفغانستان، حيث لا يزال الكثير من الجدل يدور حول طبيعة تلك العلاقة بعد عام 2014. وفي هذا السياق أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان وباكستان مارك غروسمان أن الولاياتالمتحدة الأميركية وقوات التحالف ينويان الاحتفاظ بتواجدهم في أفغانستان إلى ما بعد 2014. جاء ذلك خلال لقائه وزير الخارجية الكازاخستاني يرجان كازيخانوف، في العاصمة الكازاخستانية استانا، قبل عدة أسابيع. وقال غروسمان: «واشنطن وقوات التحالف في حلف شمال الأطلسي ينويان الاحتفاظ بتواجدهما في أفغانستان بعد عام 2014». وأضاف المبعوث الأميركي: «حالياً لدينا الكثير من المحادثات مع الحكومة الأفغانية للنظر في كيفية بناء علاقات استراتيجية، وعلى وجه الخصوص ما سنقوم به في المستقبل»، مضيفاً أن الولاياتالمتحدة ستحتفظ باهتمامها، وستكون هناك استثمارات أميركية في أفغانستان. وأكد غروسمان ضرورة تنفيذ قرار قمة الناتو العام الماضي في لشبونة التي تم فيها اتخاذ قرار التسليم التدريجي للمسؤولية عن الأمن إلى القوات الحكومية الأفغانية حتى عام 2014. وأعلن روبيرت بليك مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون وسط وجنوب آسيا: «إن الولاياتالمتحدة الأميركية تجري محادثات مع أفغانستان، تحديداً حول إمكانية إقامة قاعدة عسكرية بعد خروج قوات التحالف والناتو عام 2014»، وذلك بعد لقائه الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمانوف في العاصمة الطاجيكية دوشانبيه، قبل أيام. وحول الوضع في أفغانستان قال بليك: «نحن الآن في عملية تفاوض ومحادثات، مع الحكومة الأفغانية، لتحديد طبيعة وجودنا العسكري في أفغانستان بنهاية العملية العسكرية لتأمين الأمن في عام 2014». وزير الخارجية الأفغاني: طالبان لا تريد السلام التقت «الحياة» زلماي رسول وزير الخارجية الأفغانية خلال مشاركته في الجلسة 12 لمجموعه الاتصال الدولية الخاصة في أفغانستان، والتي جرت أعمالها في العاصمة الكازاخستانية استانا، منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، وحاورته حول القضايا الأساسية في أفغانستان، وطبيعة العلاقة بين واشنطن وكابول بعد عام 2014. قال رسول حول عملية المصالحة: «بات لدينا قناعه بعد عشر سنوات، أن العمليات العسكرية في أفغانستان، لا يمكن أن تأتي بالسلام، طالبان وغيرهم، لا يرغبون بالتصالح مع الأفغانيين، وكان لدينا لقاء كبير لبحث موضوع السلام، واغتيل مع الأسف الرئيس برهان الدين رباني الشخص الذي قاد عمليه السلام، ويمكن القول إن رجل مهمة السلام قتل، وعلى رغم اغتياله، نحن مستمرون بالكفاح، وستستمر جهود المصالحة التي تقوم بها السلطات الأفغانية مع مقاتلي حركة طالبان، وهذه العملية تدعو كل من يقف مع أفغانستان، ويقبل بدستورنا، للعودة، والمشاركة في إعادة بناء أفغانستان. لقد اجتزنا مراحل عدة، منذ سقوط نظام طالبان قبل عشر سنوات، إلا أن، نجاح العملية الانتقالية متعلق بالدعم الثابت من قبل الأسرة الدولية». وحول تأثير مقتل أسامة بن لادن على عملية المصالحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، قال زلماي رسول، بأن مقتل أسامة بن لادن يجعل عملية الانتقال في أفغانستان أسهل وسوف يعزز جهود المصالحة بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وقال: «إن وفاة زعيم القاعدة تعني أن هناك تهديدات أقل تواجه البلاد. وأن أول تقييم هو أن ذلك قد يساعد في تحقيق المصالحة». وعن التدخل الخارجي في شوؤن بلاده، قال رسول: «أنا أعتبر أن من المهم جداً أن ترفض أفغانستان أي تدخل في شوؤنها الداخلية، من جانب دول أخرى، ولم تتدخل أفغانستان في تاريخها، في شؤون أي دولة، ونحن نحترم ونأمل أن لا تتدخل الدول الأخرى في شوؤن أفغانستان الداخلية، ولكن ننتظر أيضاً من دول الجوار التدخل في شؤون أفغانستان إيجابياً، فبعد عشر سنوات أثبت شعب أفغانستان أنه يريد العيش بسلام، وأمن مع جميع دول الجوار»، وأكد الوزير الأفغاني أنه لا يوجد أي شك في أنه لا يمكن التوصل إلى الاستقرار والأمن من دون وقف التدخلات الخارجية. علاقات مميزة مع السعودية وجيدة مع إيران وحول علاقات أفغانستان مع دول العالم الإسلامي، ولا سيما المملكة العربية السعودية وإيران، قال زلماي رسول: لدينا علاقات جيدة مع جميع دول العالم الإسلامي، وعلاقتنا مميزة مع المملكة العربية السعودية، وننوي استمرار وتطوير علاقاتنا أكثر مع الجميع، وأكد رسول أن المملكة العربية السعودية لها دور مهم في عملية السلام داخل أفغانستان. وحول علاقات بلاده مع إيران قال: إن إيران دولة مهمة لبلاده ولديها علاقات جيدة معها. وبخصوص مكافحة المخدرات قال رئيس الديبلوماسية الأفغانية: إن التصدي للمخدرات يعد من أولويات الحكومة، وشدد على أنه «لا يمكننا أن نخوض المعركة ضد المخدرات وحدنا بل نحن بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي وكذلك دول المنطقة. لذا هي جهود مشتركة تتمثل في تقليل الطلب على المخدرات وإيقاف زراعتها ومن ثم طرح الزراعة البديلة التي يقبلها المزارعون الأفغان فضلاً عن فرض القوانين وتدريب أفضل لقوات الشرطة والأجهزة القضائية». وفي ما إذا كانت هناك نوايا لدى دول «ناتو» أو الولاياتالمتحدة الأميركية، باستمرار التواجد العسكري في أفغانستان بعد عام 2014 ولو في شكل أقل، أشار زلماي رسول إلى أن دول ناتو، تعتزم البدء في سحب قواتها من أفغانستان. وأن أفغانستان سوف يتعين عليها الدخول في عملية انتقال عند مغادرة القوات للبلاد. وأن عملية الانتقال من المقرر أن تستكمل بنهاية 2014. وأضاف أن المهمات الكبرى بالنسبة للحكومة الأفغانية في الفترة الانتقالية هي تزويد وتدريب قوات الأمن الوطنية وتأمين تقدم عملية السلام وتعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب. وأكد «أن قضية الإرهاب والتطرف، لا تواجه أفغانستان بمفردها». وقال: «إن علينا تعزيز التعاون الإقليمي». معروف أن روسيا أبدت انزعاجها من خطط واشنطن المستقبلية حيال أفغانستان، وذلك على لسان ممثل الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف، حيث أشار إلى أننا لا نفهم خطط واشنطن لتقليص عدد قواتها، في الوقت الذي تقوم بتعزيز البنية التحتية العسكرية لها في أفغانستان، ما يثير الشك في إقامة قواعد عسكرية هناك، وهذه المسألة تتطلب مناقشة جدية، حيث أنها وفي شكل مباشر تؤثر في المصالح الروسية، ودول المنطقة الأخرى، المحيطة بأفغانستان.