أوقعت سلسلة تفجيرات متتالية ضربت العاصمة العراقية، الخميس 22 ديسمبر، ما لا يقل عن 60 قتيلا و185 جريحا، في هجمات تأتي وسط أزمة سياسية تهدد اتفاق تقاسم السلطة الهش، وبعيد زيارة قصيرة قام بها مدير جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي أيه"، ديفيد بتريوس، إلى العراق، الأربعاء 21 ديسمبر. واستهدفت موجة التفجيرات، التي وصل عددها إلى 14 تفجيراً تمت باستخدام أربع سيارات مفخخة وعشر عبوات ناسفة انفجرت بفارق ساعة بين كل تفجير وآخر، منشآت حكومية وتجارية وسكنية، في بغداد. ووقعت الهجمات المنسقة أثناء ساعة الذروة الصباحية في مناطق سنية - شيعية مختلطة. وذكر المصدران، اللذان رفضا كشف هويتهما، أن إحدى الهجمات استهدفت مقر "لجنة النزاهة" وقتل فيها شخص واحد وأصيب خمسة آخرون. ووقعت الهجمات بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة من توجيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الأربعاء 21 ديسمبر، تحذيرا للحكومة الكردية قائلا إنها مسؤولة عن تسليم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إلى القضاء في بغداد. والهاشمي، وهو سني، مطلوب في مزاعم تنظيم "فرق الموت" التي تستهدف المسؤولين الحكوميين والعسكريين، غير أنه نفى تلك الاتهامات وقال إنها ذات دوافع سياسية، في خضم التنافس بين القائمة العراقية التي يدعمها السنة، والائتلاف الشيعي الذي يتزعمه المالكي. وقال المالكي يوم الأربعاء: "أولا وقبل كل شيء.. العراق بلد واحد.. ومن واجب جميع أجزاء الدولة الاتحادية تسليم شخص مطلوب"، في إشارة إلى شبه الحكم الذاتي الذي يتمتع به إقليم كردستان. وأضاف المالكي أن عدم تسليم الهاشمي أو السماح له بالفرار إلى بلد آخر "يمكن أن يسبب مشاكل"، وقال "إننا نطلب من الإخوة في حكومة (كردستان) تحمل المسؤولية وتسليم المتهم إلى القضاء". وكان الهاشمي قد قال إنه يريد أن تنقل القضية التي يتهم فيها، إلى المنطقة الكردية بسبب حيادها، وقد عقد مؤتمرا صحفيا الثلاثاء في مدينة أربيل، حيث شكك في الاتهامات ودعا الجامعة العربية ومراقبين من اتحاد المحامين العرب لضمان نزاهة أي دعوى ضده. لكن المالكي رفض ادعاءات الهاشمي بأن القضية سياسية، وسخر من مطالبه بمشاركة جامعة الدول العربية فيها، لافتا إلى أن الهاشمي ليست لديه حصانة، وفقا لدستور البلاد. وقضية الهاشمي هي آخر حلقة في سلسلة من الأحداث التي تهدد بتدمير اتفاق تقاسم السلطة الهش، بين السنة والشيعة والأكراد، ما يثير مخاوف بشأن استقرار العراق، بعد الانسحاب العسكري الأمريكي الأسبوع الماضي. وعلى صعيد متصل، كشفت مصادر أمريكية أن مدير الاستخبارات سجل زيارة خاطفة للعراق، التقى فيها بالمالكي ورئيس البرلمان ووزير المالية، وهما عضوان بارزان في كتلة "العراقية"، قبيل توجهه إلى شمال العراق للاجتماع مع كبار القيادات الكردية. ولم تكشف المصادر فحوى مناقشات بتريوس، وهو القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق، مع المسؤولين هناك. كما رفضت وكالة الاستخبارات CIA والسفارة الأمريكية ببغداد التعقيب على الزيارة.