سعى المجلس العسكري الحاكم في مصر إلى التهدئة، بعدما اكتسبت التحركات المطالبة بإنهاء حكمه زخماً إضافياً بمسيرة نسائية حاشدة في ميدان التحرير احتجاجاً على انتهاكات الجيش بحق متظاهرات، وتظاهرة طلابية تحركت باتجاه وزارة الدفاع. وقدم المجلس اعتذاراً عن الانتهاكات، فيما عزز موقفه بيان من «الإخوان المسلمين» رفض المطالبات بالإسراع بموعد انتخابات الرئاسة وخفف كثيراً الموقف من الجيش. وأصدر المجلس بياناً مساء أمس، اختلفت لهجته كثيراً عن الحدة التي اتسم بها موقفه منذ بداية الأحداث، أبدى فيه «أسفه الشديد لسيدات مصر العظيمات لما حدث من تجاوزات خلال الأحداث الأخيرة»، مؤكداً «أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية كافة لمحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات». ودعا إلى «التكاتف ونبذ العنف» في «هذه اللحظات الحرجة في تاريخ مصر»، بهدف «استعادة الهدوء لفترة زمنية حتى نستطيع الكشف عن عناصر البلطجة المندسة والمأجورة»، و «استكمال العملية الديموقراطية وإنهاء المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها المحددة». وأكد أنه «مستعد لمناقشة أي مبادرة من القوى السياسية التي قد تسهم في استقرار وسلامة مصر». وجاء بيان الجيش بعد أقل من ساعتين من بيان أصدره «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، خفف من لهجة الانتقادات للمجلس العسكري وتفادى تحميله المسؤولية أو المطالبة بمحاسبة قادته المسؤولين عن العنف، خلافاً لبيان صدر قبل يومين. واعتبرت الجماعة أن ما يجري محاولة من «قوى الغدر على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي التصدي للثورة... بتعويق مسيرة الديموقراطية». وتماهى بيان الحزب مع بيان صدر أمس عن اجتماع للمجلس العسكري مع المجلس الاستشاري المعاون له، لناحية التمسك بالجدول الزمني الذي طرحه العسكر لتسليم السلطة منتصف العام المقبل. واعتبر «الحرية والعدالة» أن «الدعوات التي يطرحها البعض إلى النقل الفوري للسلطة لرئيس مجلس الشعب المنتخب هو استباق للأحداث لا نوافق عليه، لأنه لا يتوافق مع الإعلان الدستوري الحالي». ورأى أن «المطالب التي طرحها البعض بإجراء انتخابات رئيس الجمهورية قبل 25 كانون الثاني (يناير) المقبل لن تحل الأزمة الراهنة، لأن القضية باتت فيمن يحرك الفتن والأزمات وينظر تحت أقدامه ولا يقدر الاستحقاقات المطلوبة التي توافق عليها الجميع في ظل الإعلان الدستوري الذي ينص على إجراء انتخابات مجلس الشعب ثم الشورى ووضع الدستور، وأخيراً انتخابات رئاسة الجمهورية». وطالب الحزب المجلس العسكري بأن «يعلن عن الأيادي التي تعبث بأمن مصر وتشعل الأزمات... ونحن نثق في أن الأجهزة الأمنية المصرية المختلفة لديها من المعلومات والإمكانات التي تؤهلها للقيام بهذا الدور، ونؤكد ضرورة أن يقدم المجلس العسكري اعتذاراً عن استخدام العنف بهذا الشكل وأن يتعهد عدم تكرار الممارسات نفسها في المستقبل، والانتهاء من المرحلة الانتقالية للوصول بالوطن إلى بر الأمان». وكان آلاف شاركوا في مسيرة نسائية في ميدان التحرير، احتجاجاً على انتهاكات الجيش بحق متظاهرات وسحل بعضهن وهتك عرض أخريات، ورددوا هتافات ضد المجلس العسكري. كما نظَّم طلاب من جامعة عين شمس مسيرة تقدمها رئيس الجامعة واتجهت إلى وزارة الدفاع للتنديد بمقتل اثنين من زملائهم في أحداث مجلس الوزراء. وأغلقت قوات الشرطة العسكرية الطريق إلى الوزارة لمنع المسيرة من الوصول إلى الوزارة. ودعت مجموعات شبابية عدة إلى تنظيم «مليونية» بعد غد أطلقت عليها «حرائر مصر... ردِ الشرف». وكان رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي اجتمع أمس مع المجلس الاستشاري المعاون له، رغم استقالة نحو ثلث أعضاء المجلس الأخير احتجاجاً على مقتل 14 شخصاً وجرح مئات بسبب استخدام الجيش القوة المفرطة في مواجهة متظاهرين. وناقش الاجتماع «سبل الخروج من الأزمة السياسية». وشدد المجتمعون في بيان على «الالتزام بالجدول الزمني المعلن لنقل السلطة»، كما أكد «احترام حق التظاهر السلمي شرط ألا يترتب عليه تعطيل العمل في المصالح العامة ومصالح المواطنين على أن يتم تطبيق القانون بكل حزم بالقبض على المخالفين وتقديمهم للنيابة العامة».