قال رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، إن الهيئة تعمل بالتعاون مع وزارة الداخلية على متابعة خروج ودخول القطع الأثرية من وإلى المملكة، مضيفاً أن المملكة تسلّمت العام الماضي والذي سبقه قطعاً دخلت عن طريق التهريب إليها من العراق ومصر وأعادت تسليمها، «وللأسف تهريب الآثار من يقوم به مواطنون وغير مواطنين، بعضهم يعمل بذلك عن جهل». وأكد سلطان بن سلمان في تصريحات صحافية عقب إطلاق حملة استعادة الآثار الوطنية في مقر الهيئة بالرياض أمس، أن القطع الأثرية المستعادة تعتبر اليوم مصانة بحكم النظام، «وهو ما نريد أن نركز عليه»، مشدداً على أن هناك عقوبات قوية جداً في قضية التهريب، «أنا أنصح المواطنين بعدم الانزلاق وراء المغريات المالية»، مشيراً إلى أن ما صدر من قرارات قوية وحازمة من الدولة تتعلق بقضية سرقة الآثار أو تهريبها خير دليل على حرص القيادة الرشيدة على أهمية الحفاظ والتوعية بالآثار والتراث الوطني. وقال إن الهيئة بذلت في الفترة الأخيرة جهوداً كبيرة لاستعادة قطع أثرية إلى المملكة، «أثمرت عن استعادة نحو 14 ألف قطعة أثرية من خارج المملكة، من بينها قطع خرجت خلال الاستكشافات وقدوم الخبراء إلى المملكة، وأخرى مضى على اختفائها 50 عاماً... كما أن هناك مؤسسات أخرى ومنها مؤسسة التراث الخيرية التي قامت بأحد أهم برامج استعادة القطع، ومنها مجموعة «بارقر» في أميركا، وبعمل دؤوب استمر أكثر من عامين». وأضاف: «نحن الآن بصدد توقيع اتفاق مع شركة أرامكو للانطلاق في استعادة الآثار على مستوى منسوبي أرامكو خارج المملكة، والهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل على اتجاهات عدة متوازية، من ضمنها العمل مع الجهات الدولية التي تتابع الآثار والمتاحف الدولية وأصحابها، وجميع المسارات التي تؤدي إلى التعرف على القطع الموجودة خارج المملكة، سواء عن طريق الناس الذين أخذوا قطعاً أثرية ولم يكن هناك نظام يمنعهم، أو الناس الذين أخذوا آثاراً من دون أن يعلموا أن هذه الآثار تملكها الدولة ويملكها المواطن». ودعا من لديهم مجموعات أثرية تخص المملكة في داخل المملكة أو خارجها وتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة إلى التعاون مع الهيئة في إعادتها والمشاركة بها في معرض الآثار الوطنية المستعادة، الذي وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإقامته بالتزامن مع المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) 1433ه، مؤكداً أن الآثار باتت قضية وطنية أصيلة تهم كل مسؤول ومواطن، «يستشعر المواطن أهميتها وقيمتها التاريخية والوطنية ويكون الحارس الأول لها، ويستشعر أهمية أن تكون الآثار لدى الجهة الحكومية المعنية بحمايتها والاستفادة العلمية والبحثية منها». وقال: «نحن لا نشجع المواطنين، بل نؤكد على المواطنين ألا يحركوا الآثار من مواقعها، وأن يبلغوا الهيئة، لأن قيمة الأثر حقيقة في الموقع، الذي يستدل به على البيئة التي تكوّن فيها هذا الأثر، وقد تكون هناك طبقات من الآثار حوله، ونحن نطلب من المواطنين عدم تحريك هذه الآثار». وأكد الأمير سلطان بن سلمان أن الهيئة تهدف إلى إخراج تاريخ المملكة الوطني من كتب التاريخ، ليكون تاريخاً معاشاً يستوعب المواطنون من خلاله ملحمة توحيد المملكة، وقال: «تراثنا بشكل عام، خصوصاً تاريخ الوحدة الوطنية حقيقة تُدرس فيها كتب الآن وهي كتب التاريخ، ولم يخرج هذا التراث بشكل واسع ليكون جزءاً من حياة المواطن، ومعيشته... اليوم نُريد إخراج تاريخنا الوطني من كتب التاريخ حتى يكون تاريخاً معاشاً، يذهب الإنسان وأبناؤه وأسرته ويعيشون في موقع أو مواقع عدة، ويستوعبون هذه الملحمة التاريخية لتوحيد المملكة، وهذه عناصر بالنسبة إلينا ليست فقط سياحة، لكنها أيضاً إسهام كبير جداً تقوم به الهيئة وشركاؤها». وأشار إلى أن حملة استعادة الآثار الوطنية تأتي انطلاقاً من أهمية استعادة القطع والمجموعات الأثرية الوطنية التي نقلت إلى خارج المملكة عبر السنين بطرق مختلفة، باعتبارها جزءاً مهماً من التراث الوطني الأصيل، مبيناً أن حملة استعادة الآثار الوطنية مرتبطة ارتباطاً كاملاً بمشروع العناية بالبعد الحضاري الذي دشنته الهيئة أخيراً. وعن اهتمام الهيئة بالآثار والتراث والمتاحف ومدى تأثيره في المسارات الأخرى المتعلقة بالسياحة، قال: «المملكة وإن كانت لا تزال في بدايتها، لكنها على مستوى العالم تعتبر من أكبر الدول التي فيها ثقافة وتراث بحسب منظمة السياحة العالمية، وهناك دول تقوم اقتصاداتها على المكنوز الأثري والتراثي، وهذا لا يعني أن الهيئة أهملت ما يتعلق بالمجال السياحي... نحن أيضاً لا ننظر لقضية الآثار والتراث العُمراني على أنها فقط قضية سياحة، بل هي موجودات سياحية وثقافية من باب السياحة الثقافية، ونحتاج إلى تعزيز الثقافة المتحفية وثقافة التراث لدى المواطن». وأضاف: «نحن ما زلنا في بداية الطريق بالنسبة لسياحة الثقافة والتراث، لكننا نسير في طريق سريع، وحقيقة أن الضخ الذي تقوم به الهيئة وشركاؤها في المشاريع أو في الإعلام أو المدارس ومع أجهزة التعليم، هو ضخ كبير جداً سواء في المناهج أو البرامج التدريبية مثل «ابتسم»، وبرنامج «السياحة تثري» وغيرهما، وهذا ستؤدي نتائجه خلال أقل من السنوات الثلاث المقبلة، إلى ثقافة جديدة بلا شك، إضافة إلى ما نقوم به في المتاحف».