انقسمت المؤسسة السياسية الرسمية الفلسطينية في شأن فرص التوصل الى اتفاق مصالحة وطنية مع حركة «حماس» في الحوار الجاري برعاية مصرية. وحسب مصادر مطلعة، فان الانقسام يتركز على النقطة الاولى في مشروع الاتفاق، وهي تشكيل لجنة عليا للتنسيق بين الحكومتين الفلسطينيتين، حكومة الدكتور سلام فياض ومقرها رام الله، وحكومة اسماعيل هنية المقالة ومقرها غزة. وقالت هذه المصادر ان الخلاف ظهر في الاجتماع الاخير للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي شارك فيها رئيس وفد حركة «فتح» للحوار عضو اللجنة المركزية احمد قريع. واعرب قريع في الاجتماع عن تأييده للاتفاق على تشكيل هذه اللجنة، وبلغت حماسته للاتفاق حد مطالبته فصائل منظمة التحرير باعطائه تفويضا باسم المنظمة للتوصل لهذا الاتفاق، الأمر الذي رفضه ممثلو تلك الفصائل. ويؤيد قريع في موقفه هذا اعضاء وفد الحركة للحوار مثل نبيل شعث وعزام الاحمد. لكن عددا من ابرز مساعدي الرئيس محمود عباس عارض الاتفاق على تشكيل اللجنة واصر على ضرورة الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني تتبنى البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. وفي مقدمة هؤلاء امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه الذي اعتبر والتيار المؤيد له في المنظمة ان الاتفاق على تشكيل مثل هذه اللجنة يكرس الانقسام بين الضفة وغزة. وحدد اسس الاتفاق المقبول له بنقطتين، الاولى تشكيل حكومة الوفاق الوطني، والثانية الاتفاق على موعد اجراء انتخابات عامة. ويشكك هذا التيار في نيات وفد «فتح» الى الحوار من وراء قبوله الاتفاق على تشكيل لجنة تنسيق بين الحكومتين، ويرى انها محاولة من الوفد للتوصل الى اتفاق يعجل في انهاء حكومة فياض. وظهر الرئيس محمود عباس في موقف وسط بين التيارين، فهو لم يظهر تأييده لاي منهما، لكنه طالب اعضاء وفد «فتح» بعرض اي مشروع للاتفاق عليه قبل اعطاء الرد النهائي. وعقب الاعلان عن تأجيل موعد التوصل الى اتفاق من السابع من تموز (يوليو) الى 28 منه، اصدر الرئيس عباس بيانا اعرب فيه عن اسفه لعدم التوصل الى اتفاق في الجولة الاخيرة (السادسة) من الحوار. وقال بيان صادر عن مكتب الرئيس انه امر بتذليل اي عقبات تعترض سبيل التوصل الى اتفاق. وظهرت في الجولة الاخيرة عقبات اخرى حالت دون التوصل الى اتفاق منها تمسك حركة «حماس» بدمج تدريجي ل 3000 رجل أمن من اعضاء اجهزة الامن السابقة في قطاع غزة مع قوات الشرطة، يبدأ ب 300 رجل امن يعملون على المعابر، على ان ينتهي دمج كامل العدد مع حلول موعد الانتخابات العامة مطلع العام الجديد. وظهرت ايضا صعوبات لغوية في صياغة بعض بنود الاتفاق. ولا يخفي بعض مراكز السلطة عدم حماسته لاي اتفاق مع «حماس». وتشجع صيغ الاتفاق المطروحة الجهات المعارضه له، خصوصا انه لا ينص على انهاء فوري للانقسام، وانما يضع اسسا لانهائه عبر فترة زمنية، ومن دون وجود ضمانات كافية لذلك. وترى هذه الجهات ان «حماس» تسعى الى اتفاق يُمكنها من رفع الحصار عن قطاع غزة من دون ان تتراجع عن خطوتها التي سيطرت فيها على القطاع بالقوة المسلحة. ويتوقع المراقبون ان يواجه اي اتفاق محتمل بين «فتح» و«حماس» نهاية الشهر صعوبات كبيرة في التطبيق تهدد بانهياره على غرار اتفاق مكة الذي انهار اثناء التطبيق، خصوصا مع ضعف المؤسسات السياسية وضعف الثقة بين الجانبين.