طالب مطوّران عقاريان بشراكة بين وزارة الشؤون البلدية والقروية وأصحاب الأراضي البيضاء المنتشرة في المدن السعودية، بهدف تطوير تلك الأراضي واستثمارها في مشاريع تنموية سواءً للسكن أم التجارة، وطالبا بفرض رسوم على الأراضي البيضاء. وأوضحا في حديثهما إلى «الحياة» أن مساحة الأراضي البيضاء في منطقة مكةالمكرمة تقدر بنحو 51 في المئة، في حين ترتفع في منطقة الرياض إلى 60 في المئة من إجمالي تخطيط المدن، وأشارا إلى أن تلك الشراكة ستعمل على تقليص مساحات الأراضي البيضاء، واستغلالها في جوانب تنموية تعود بالنفع على المواطنين الذين لا يملكون مساكن، وتبلغ نسبتهم 80 في المئة من إجمالي عدد السكان. وقالت عضو لجنة العقار في غرفة جدة شروق السليماني ل «الحياة»: «إن مشكلة الأراضي البيضاء شائكة في المملكة، وعلى رغم أن المملكة تعادل في مساحتها ثلاثة أرباع أوروبا الغربية وأن عدد سكانها قليل، إلا أن معظم الأراضي التي تصلح للسكن في المناطق الحضرية وحتى النائية منها مملوكة لغير الدولة، وفي الوقت نفسه نجد أن المواطنين وتعدادهم لا يزيد على 17 مليون نسمة لا يمتلك 80 في المئة منهم مساكن». وأضافت: «الأراضي البيضاء ليست مشكلة أطراف المدن فحسب، ولكنها أيضاً مشكلة داخلها. فكثير من المناطق الحيوية بها مواقع كثيرة غير مستثمرة على رغم توافر كل الخدمات بها». وأشارت السليماني إلى أن المواطن من ذوي الدخل المحدود يضطر إلى البحث عن أرض يقيم عليها مسكناً في مناطق بعيدة ولا تتوافر لها كل أو بعض الخدمات العامة من طرق وكهرباء وماء وهاتف وخدمات صحية وتعليمية وتجارية، كما تسبب احتفاظ كثير من أصحاب الأراضي بمساحات شاسعة من دون استثمار في ارتفاع مصطنع لأسعارها، وبخاصة في المناطق الحضرية وداخل النطاق العمراني، الأمر الذي زاد من صعوبة فرص تملّك معظم المواطنين المساكن. وزادت: «من الغريب أن توجد أراضٍ بيضاء بمساحات كبيرة في أوساط مدن تتعطش للسكن، وتشكل أحياناً ما نحو 50 في المئة، وهي أراضٍ غير مستخدمة في أهم المدن»، موضحة أن «الحل يكمن في الحد من منح الأراضي لغير ذوي الدخل المحدود، وحصر المساحات الممنوحة في نطاق الحاجة للبناء عليها بغرض السكن أو الاستثمار العقاري بما لا يزيد على ألف متر مربع لكل مواطن». واستطردت تقول: «كما يجب فرض رسوم سنوية عليها، وذلك لتشجيع استغلالها بدلاً من تخزينها على المدى الطويل وفي مواقع استراتيجية بقلب المدن، وذلك حتى نستطيع عمل موازنة بين العرض والطلب في سوق العقار، ونصل إلى نتيجة أن تعمل صناعة العقار على التطوير العمراني بمفهومه الشامل، لا أن تقتصر على المتاجرة والمضاربة بالعقار فحسب، خصوصاً أن أحدث التقارير العقارية تشير إلى أن الأراضي البيضاء تشكل 51 في المئة من مساحة منطقة مكةالمكرمة، وأكثر من 60 في المئة في الرياض». وطالبت السليمان بإصدار نظام يفرض هذه الرسوم، على أن يعود إيرادها لخزانة الأمانات، وتخصص لاستكمال البنى التحتية للمدن، خصوصاً في مجال الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار. في المقابل، طالب رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة سابقاً المطوّر العقاري خالد جمجوم، بإيجاد شراكة حقيقية بين القطاع الحكومي ممثلاً في وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات التابعة لها وملاك الأراضي البيضاء، وقال: «لا بد أن تعمل وزارة الشؤون البلدية والقروية على متابعة الأراضي بهدف استثمارها بدلاً من بقائها بيضاء وسط المدن»، مشيراً إلى أن إيجاد شراكات بين القطاعين الحكومي والخاص سينعكس إيجابياً على بناء المدن وتطويرها. ونوّه جمجوم بأهمية نشر الوعي بين ملاك الأراضي البيضاء بأهمية استثمارها والدخول في شراكات في حال عدم قدرة المالك على استثمارها بشكل انفرادي، وقال: «التمسّك ببقاء تلك الأراضي كما هي عليه بهدف ارتفاع أسعارها لبيعها ليس في مصلحة الجميع، خصوصاً أن بعضها يشوّه المنظر العام للمدينة وتصبح مرمى لنفايات الحي».