شيّع آلاف الفلسطينيين أمس جثمان الفتى محمد أبو خضير (16 سنة) بعد ظهر الجمعة في القدس الشرقية المحتلة الذي قتل بأيدي ثلاثة يهود الثلثاء الماضي وسط تدابير أمنية مشددة في أجواء من التوتر الشديد، فيما تفجر غضب المشيعين اشتباكات عنيفة مع الشرطة الإسرائيلية. ووسط بحر من الأعلام الفلسطينية شيّع الفلسطينيون جثمان الفتى أبو خضير إلى منزله في حي شعفاط قبل التوجه إلى المقبرة بعد صلاة أول جمعة من شهر رمضان. ولدى وصول الجثة التي سلمت إلى العائلة بعد تشريحها هتف الحشد «بالدم بالروح نفديك يا شهيد». وحمل المشيعون جثمان أبو خضير ملفوفاً بالعلم الفلسطيني وجابوا به شوارع القدس الشرقية فيما كان متظاهرون فلسطينيون في مناطق أخرى من المدينة يرشقون الشرطة الإسرائيلية بالحجارة التي ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية. وانتشرت الشرطة الإسرائيلية بقوة الجمعة في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وأعلنت ضمها في 1967. واختطف الفتى مساء الثلثاء من حي شعفاط السكني في القدس الشرقية. وعثر على جثته المحروقة تماماً بحسب محامي العائلة، بعد ساعات من خطفه بالقرب من غابة في الجزء الغربي من المدينة. وتحدثت وسائل الإعلام عن إمكانية أن يكون مقتل الفتى عملاً انتقامياً بعد العثور الاثنين على جثث ثلاثة إسرائيليين خطفوا في 12 حزيران (يونيو) في جنوبالضفة الغربية. وأكد شهود أن الفتى الفلسطيني اقتيد بالقوة في سيارة من قبل «إسرائيليين اثنين» فيما كان ثالث يقودها. وقال وزير الأمن العام الإسرائيلي اسحق اهارونوفيتش إن «كل خيوط التحقيق» قد تم التحقق منها وإن دافع القتل لا يمكن «تأكيده في الوقت الراهن». ودانت الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الغربية عمليات القتل هذه وحذرت الجانبين من خطر الأعمال الانتقامية التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع المتدهور أصلاً. ووقعت صدامات متفرقة في منتصف النهار في القدس الشرقية، في حين أعربت الشرطة عن خشيتها من مواجهات بعد التشييع. وقالت عائلة أبو خضير والرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الفتى أبو خضير كان ضحية عمل انتقامي وحملوا حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية المسؤولية، كما وصف نتانياهو الجريمة بأنها «شنعاء» ودعا الشرطة إلى فتح تحقيق سريع للعثور على منفذيها. إلا أن السلطات الإسرائيلية أعلنت أنها لم تتوصل إلى معرفة الأسباب الحقيقية للجريمة، وما إذا كان أبو خضير بالفعل ضحية جريمة كراهية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه احتجز أربعة جنود لنشرهم رسائل معادية للعرب على مواقع التواصل الاجتماعي. وذكر متحدث باسم الشرطة إن وحدة مكافحة الجريمة الإلكترونية تشن حملة ضد التحريض العنصري عبر الإنترنت سواء من اليهود أو المواطنين العرب. وخلال الثماني والأربعين ساعة الماضية دارت صدامات عنيفة بين فلسطينيين رشقوا عناصر الشرطة بالحجارة وقنابل المولوتوف وعناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الرصاص المطاط والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية. ووقع عشرات الجرحى جراء هذه الصدامات التي تذكر بالانتفاضتين الفلسطينيتين. ونشر تلفزيون فلسطين شريط فيديو على موقع يوتيوب يظهر متظاهراً يتعرض للضرب بعنف على يد حرس الحدود الإسرائيليين وعناصر شرطة باللباس المدني. ويصادف تشييع الفتى محمد أبو خضير أول يوم جمعة من شهر رمضان الذي يتوجه فيه عادة عشرات آلاف المسلمين إلى الحرم القدسي في القدس القديمة. لكن توافد المصلين كان أقل عدداً بكثير من السنوات الماضية حيث قدر عددهم بنحو ثمانية آلاف فقط بحسب متحدثة باسم الشرطة نتيجة قرار الشرطة الإسرائيلية عدم السماح سوى لمن تتجاوز أعمارهم الخمسين سنة وللنساء بالوصول إلى المسجد الأقصى، خشية حصول صدامات. كذلك كان الوضع متوتراً أيضاً على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة. وصباح الجمعة تم إطلاق أربعة صواريخ وقذيفتي هاون من غزة باتجاه إسرائيل، اعترضت إحداها الدرع الصاروخية الإسرائيلية المعروفة ب»القبة الحديد». والخميس سقط 34 صاروخاً في جنوب إسرائيل بحسب الجيش، أدت أربعة منها إلى إلحاق الضرر ببنى تحتية ومبان مدنية. في موازاة ذلك قرر الجيش الإسرائيلي إرسال تعزيزات محدودة من قوات الاحتياط إلى مشارف قطاع غزة بغية إيصال رسالة «تهدئة» إلى حركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة. وتحدثت وسائل الإعلام الجمعة عن إعلان تهدئة بإشراف مصر في غضون ساعات بين حركة «حماس» وإسرائيل. وأكد مصدر من حركة «حماس» فضل عدم كشف هويته لوكالة «فرانس برس» أن «هناك جهوداً مصرية مستمرة لاستعادة الهدوء في قطاع غزة، لكن لم يتم التوصل لاتفاق بعد». كما أكد أن حركته «أبلغت الجانب المصري أن ليس لديها رغبة في التصعيد». بدوره أكد باسم نعيم القيادي البارز في «حماس» أيضاً أن حركته «غير معنية بالتصعيد والانجرار إلى حرب في غزة لكن في نفس الوقت لا يمكن أن تسكت على استمرار العدوان على قطاع غزةوالضفة الغربية». ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصادرة بالإنكليزية عن مسؤول في الأمن الإسرائيلي أن يوم الجمعة سيكون بمثابة اختبار لمعرفة ما إذا كانت «حماس» مستعدة لوقف إطلاق نار وإن كانت «فهمت رسائلنا المرسلة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة». وكتب موقع «يديعوت احرونوت» الإخباري نقلاً عن مسؤول أمني أيضاً «أن الكرة باتت في ملعب حماس». وكتب رئيس الأركان الإسرائيلي بني غانتس من جهته الخميس على حسابه على موقع تويتر محذراً «أننا نتمنى الهدوء ولكن إذا اختارت حماس التحرك ضدنا فنحن جاهزون». وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من جهته: «إننا جاهزون لخيارين في الجنوب: إما أن تتوقف عمليات إطلاق النار على أهلنا وأن تتوقف عملياتنا أيضاً، وإما أن تتواصل وستتحرك التعزيزات في المكان بقوة». إلى ذلك هاجم قراصنة معلوماتية حساباً للجيش الإسرائيلي على موقع تويتر للرسائل القصيرة ببثهم عليه رسالة تحذر من إصابة منشأة نووية بصاروخين. وكتب على صورة للرسالة نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أول من أمس «تحذير: تسرب نووي محتمل بعد إصابة منشأة ديمونا النووية». وقال الجيش الإسرائيلي إن عدة تغريدات غير صحيحة وضعت مساء الخميس على حساب الناطق باسمه باللغة الإنكليزية. وبث الحساب بعد ذلك رسالة اعتذار من مشتركيه وألغى التغريدة الخاطئة. وأعلن «الجيش السوري الإلكتروني» الذي يضم قراصنة موالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أنه «نجح في اختراق الحساب الرسمي للناطق الرسمي باسم وزارة دفاع العدو الإسرائيلي ونشر بوست يتعلق بسقوط صاروخين للمقاومة على ديمونا». وأوضح أن هذه العملية جاءت «انتقاماً لروح الشهيد محمد أبو خضير».