مع مصادقة النواب الجزائريين على قوانين «الإصلاح السياسي»، وعلى رغم الاتهامات الواسعة لحزبي التحالف الرئاسي، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي بإفراغ الإصلاحات من محتواها، بدأت المعركة الانتخابية وسط توقعات بتغيير جذري في خريطة التحالفات مع بروز احتمالات فوز أطراف جديدة بعضوية البرلمان المقبل، بينهم «الإسلاميون»، وتكهنات بدخول حزب المعارضة التقليدي، جبهة القوى الاشتراكية، المعترك الانتخابي بعد سنوات من المقاطعة. وسواء قبل الشارع الجزائري، بالشكل النهائي ل «إصلاحات» الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أم تحفظ عنها، فقد باتت أمراً واقعاً، بصدور «قول فصل» من رئيس الجمهورية أول من أمس، في خطاب قال فيه أن الجزائر في «خضم التحولات الكبرى التي يعرفها العالم والمخاض العسير الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية عملت بمسؤولية وصدق لتوفير مناخ لإصلاحات سياسية وافتصادية واجتماعية تتماشى مع طموحات المجتمع وآماله في إصلاح متواصل عبر حوار بناء واستشارة واسعة لفاعليات الطبقة السياسية والمجتمع المدني في كنف دولة الحق والقانون». وفهم خطاب بوتفليقة أنه «تزكية» للقوانين التي تبناها البرلمان في دورته الخريفية وشملت الانتخابات والأحزاب والإعلام والجمعيات والمرأة وغيرها ما يعني أن القوانين كانت «أقصى ما يمكن إعطاءه» في الوقت الراهن، مع ترقب آخر لفصول الدستور المقبل الذي يتولى البرلمان الجديد مناقشة بنوده. ولم ينتظر حزب جبهة التحرير كثيراً، لدعوة اللجنة الوطنية لتحضير الانتخابات التشريعية والمحلية المقبل، حيث اجتمع بأعضائها أمس، عبدالعزيز بلخادم الأمين العام للحزب، بحضور خمسمئة عضو من اللجنة المركزية والنواب والوزراء وغيرهم لدرس نتائج 16 لجنة فرعية التي أعدت ملفات خاصة بالاستراتيجية الانتخابية للحزب. وخرجت الإصلاحات من «مختبر» البرلمان، مرضية لحزبي التحالف الرئاسي، لكنها شكلت فارقاً في مسار التحالف الثلاثي الأضلاع، بإعلان حركة مجتمع السلم الخروج عن «بيت الطاعة»، وتحضيرها للطلاق مع التحالف في اجتماع مرتقب لمجلس الشورى بعد عشرة أيام، وهي أولى ملامح تغييرات جوهرية قد تشهدها التحالفات في الساحة السياسية الجزائرية، بما يترتب عن ذلك من خروج تلقائي لوزراء مجتمع السلم الأربعة من الحكومة. ويعني صدور القوانين دخول الأحزاب قيد التأسيس، المرحلة النهائية في علاقتها بوزارة الداخلية، صاحبة القرار الأخير إما باعتمادها أو رفضها. ويتوقع أن يكون الإسلامي عبد الله جاب الله، مفاجأة انتخابات 2012، في وجود تعاطف مع التيار الإسلامي. ويراهن البعض على فرص حزب محمد السعيد، وهي شخصية محسوبة على التيار الوطني الإسلامي المحافظ ، في حين يقول آخرون أن «الانتقادات الحادة التي وجهتها لويزة حنون، زعيمة حزب العمال، لجاب الله، بوصفه «قدم ورقة اعتماد حزبه للأميركيين والفرنسيين» بعد لقاء جمعه وسفيري البلدين أخيراً، قد تكون تفسيراً لنوايا السلطة ب «رفض الإسلاميين» في المشهد السياسي المقبل، وبالتالي رفضاً لقراءات تقدم فوز الإسلاميين في تونس والمغرب ومصر، على أنه مصير محتوم على الجزائر أيضاً في انتخابات الربيع. ومن مظاهر التغيير أيضاً احتمالات دخول جبهة القوى الاشتراكية، سباق الانتخابات النيابية. والجبهة حزب معارض تقليدي، قاطع انتخابات 2002 و 2007 واكتفى بالانتخابات المحلية. وحتى الآن لا توحي تصريحات مسؤولي الحزب بالمشاركة، لكن رهانات من داخل الحزب ومحيطه، قد تفرض «قناعات موقتة» ولو لمرحلة قصيرة، وأعطى التغيير الذي طرأ على القيادة قبل أسابيع، بتعيين علي العسكري مكان كريم طابو في منصب السكرتير الأول انطباعاً بذلك.