سجّلت أمس معلومات عن الحرب السرية على البرنامج النووي الإيراني، ورأيي في ضرورة بدء برامج عربية مماثلة، وأكمل اليوم برأي البروفسور جوزف مسعد، أستاذ السياسة العربية في جامعة كولومبيا، وهي واحدة من أهم ثماني جامعات أميركية. ليس لي فضل اليوم سوى الترجمة باختصار عن مقال للبروفسور مسعد عنوانه «عودة إلى إسرائيل النووية.» هو قال: التفاصيل التاريخية معروفة، ففي سنة 1955 أعطى الرئيس دوايت آيزنهاور إسرائيل مفاعلاً نووياً صغيراً في ناحل سوريك، وفي سنة 1964 بنى الفرنسيون مفاعلاً أكبر كثيراً في ديمونا في صحراء النقب. وسرقت إسرائيل 200 رطل من اليورانيوم المخصّب الذي يصلح للاستعمال في قنبلة نووية بواسطة شركة عميلة لها في بنسلفانيا سنة 1965. وفي سنة 1968 سطت في عملية قرصنة بحرية على 200 طن من «الكعك الأصفر»، أي اليورانيوم الخام، كانت في سفينة ليبيرية. إسرائيل تملك قنابل نووية منذ أواسط السبعينات على رغم نفيها، ورئيسة الوزراء غولدا مائير أرادت سنة 1973 ضرب سورية ومصر بثلاث عشرة قنبلة نووية، إلا أن هنري كيسنجر أوقفها عن إبادة الجنس ببناء أكبر جسر جوي في تاريخ العالم لمد إسرائيل بالأسلحة (في حرب تشرين). إسرائيل تعاونت على مدى عقود في البرنامج النووي مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية، وهو تعاون انتهى بسقوط الحكم العنصري هناك سنة 1994. وإسرائيل تملك اليوم 400 قنبلة نووية، بينها أسلحة حرارية وقنابل نيوترون ونظام صواريخ لحملها، بعضه مداه 11.500 كيلومتر، أي أنها تصل إلى إيران وما بعدها، وعندها غواصات وطائرات حربية قادرة على إطلاق أسلحة نووية. وإسرائيل قاومت حصول جيرانها على برامج نووية للاستعمال السلمي، وضربت سنة 1981 مفاعل اوزيراك في العراق، مخالفة القانون الدولي، مع أن العراق وفرنسا قالا إنه كان للاستعمال السلمي. كما ضربت سنة 2007 مفاعلاً مزعوماً من صنع كوري شمالي في سورية. وإسرائيل لا تزال ترفض الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وترفض أن تفتش لجنة الطاقة الذرية الدولية المفاعل في ديمونا. إسرائيل دولة معتدية شنّت حروباً على جميع جيرانها وطردت مئات الألوف من المواطنين وتسببت في تشريد ملايين الفلسطينيين واللبنانيين والمصريين وقتل عشرات ألوف المدنيين، واستخدمت قنابل ممنوعة دولياً، من النابالم إلى الفوسفورية، وهي لا تزال تحتل أراضي الفلسطينيين خلافاً للقانون الدولي، وتحكمها إيديولوجية عنصرية ضد العرب وضد المسلمين. وهي لا تكتفي بشن حروب على جيرانها بل تطلب من الدول الكبرى غزو هذه الدول، وترعى حملات كره ضد العرب وضد المسلمين في الولاياتالمتحدة وعبر أوروبا. الولاياتالمتحدة، حامية إسرائيل، هي الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت عمداً قنابل نووية ضد مدنيين، ولا تزال منذ 66 سنة تدافع عن إبادة الجنس هذه في البرامج الدراسية والميديا. والولاياتالمتحدة تعارض إثارة موضوع ترسانة إسرائيل النووية في مجلس الأمن، وتصر على جعل الترسانة سراً «مفتوحاً» لأن من شروط مساعداتها الخارجية أن يكون البلد الذي يتلقاها موقّعاً على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. مع ذلك، فالولاياتالمتحدة وإسرائيل اللتان شكلتا أكبر خطر على أمن العالم منذ الحرب العالمية الثانية تصران على أن إيران، من دون أن تغزو أي بلد، خطر على السلام العالمي إذا امتلكت سلاحاً نووياً (إيران تحتل جزراً ثلاثاً لدولة الإمارات، إلا أن هذا يعود إلى حكم الشاه الذي نصّبه الأميركيون في طهران). إن عنصرية إدارة أوباما ضد العرب والمسلمين لا تعرف حدوداً، وشعوب الشرق الأوسط، من عرب وأتراك وإيرانيين، لا تجد عنصرية أوباما مقنعة، فامتلاك أسلحة نووية أو عدم امتلاكها مسألة أمن بشري كما تراها شعوب المنطقة. وإذا كانت أميركا لا تخاف قنابل إسرائيل النووية فجيرانها في حالة رعب منها ولسبب واضح. وعندما تدرك إدارة أوباما هذا فإن شعوب المنطقة ستعيد النظر في مدى صدقية الولاياتالمتحدة وهي تزعم قلقها من انتشار الأسلحة النووية. شكراً يا بروفسور مسعد. [email protected]