دمشق، لندن - «الحياة»- أجرت السلطات السورية انتخابات بلدية أمس، في أول اقتراع ينظم في ذلك البلد منذ بدء حركة الاحتجاج في 15 آذار (مارس) الماضي. وفيما قالت السلطات إن الانتخابات إحدى خطوات الاصلاح، وإنها أُجريت في اجواء آمنة وشهدت إقبالاً، قال معارضون إن الانتخابات البلدية «لا قيمة لها»، وهدفها تحويل الأنظار عما يجري على أرض الواقع، مشيرين إلى أن الإقبال عليها كان ضعيفاً، بسبب التخوفات الأمنية وعدم الاقتناع بجدواها السياسية. ودعي اكثر من 14 مليون ناخب للمشاركة في هذا الاقتراع لانتخاب ممثلين في المجالس البلدية. وفتحت مراكز التصويت الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي (السادسة بتوقيت غرينتش) وأغلقت الساعة 22:00 (20:00 ت غ). وتنافَسَ اكثر من 42 ألف مرشح على 17 ألف مقعد. وذكرت وكالة الانباء الرسمية السورية «سانا»، أن الناخبين السوريين توافدوا منذ الصباح إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في انتخابات مجالس الإدارة المحلية. وأوضحت «سانا» أن 42889 مرشحاً يتنافسون على 17588 مقعداً موزعاً بين مجالس المحافظات والمدن والبلدان والبلديات في مختلف أنحاء سورية، وأن عدد المراكز الانتخابية 9849 مركزاً في 154 مدينة و502 بلدة و681 بلدية. ولفتت «سانا» إلى أن الانتخابات الحالية «تُعَدّ أولَ تطبيق عملي للمرسوم التشريعي رقم 101 للعام 2011، الخاص بقانون الانتخابات العامة، الذي يشكل حجر الأساس لتنظيم انتخاب أعضاء مجلس الشعب والمجالس المحلية في سورية وضمان سلامة العملية الانتخابية وحق المرشحين بمراقبتها ويكفل للناخبين عبر إشراف قضائي كامل على العملية الانتخابية حرية ممارسة الحق الانتخابي في أجواء حرة ونزيهة». وأكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات، المستشار خلف العزاوي أن الانتخابات «تجري بيسر وارتياح وإقبال وفق الشروط والمواصفات القانونية». وفي مكاتب الاقتراع في الدويلعه وكفر سوسه، ازداد عدد الناخبين قبل الظهر بحسب مسؤولين. وفي احد مراكز دمشق، لوحظ اقبال ضعيف في الصباح، حيث وضع 61 ناخباً بطاقاتهم في الصندوق منذ افتتاحه بحسب مسؤول في المكان. وقالت زينة (35 عاماً) لدى خروجها من احد مراكز الاقتراع في دمشق ل «فرانس برس»: «أدليت بصوتي لأننا نريد المساهمة في الاصلاحات من خلال انتخاب أفضل المرشحين». وقال احمد، وهو سائق سيارة أجرة: «على الجميع المشاركة في التصويت للرد على الذين يدعون الى الاضراب». وكان يشير الى الناشطين المطالبين بالديموقراطية الذين ينظمون التظاهرات المعارضة للنظام ودعوا الى اضراب عام على ست مراحل في سياق حملة عصيان مدني. وقال وزير الاعلام السوري عدنان محمود ل «فرانس برس»: «هذه الانتخابات جرت في توقيتها المحدد وفق البرنامج الزمني الذي وضع لعملية الاصلاح الشامل وتنفيذ القوانين والقرارات المرتبطة بها. وهذا يؤكد تصميم القيادة السورية والشعب السوري على المضي قدماً في عملية الاصلاح وإنجازها على الارض وفق برامجها الزمنية المحددة». وتابع: «إن توقيت الانتخابات جاء في ظل ظروف وأحداث راهن فيها البعض على قطع الطريق على هذه الانتخابات... من خلال الأعمال الإرهابية للمجموعات المسلحة وترويع المواطنين»، مضيفاً «وكان رهانهم خاسراً ومخيباً لآمالهم بفضل ارادة الشعب وعزمه على المشاركة ودعم عملية الاصلاح بما يحقق طموحاته وتطلعه لمستقبل سورية المشرق»، على حد قوله. وكانت السلطات وعدت مراراً بإجراء إصلاحات تهدف الى انهاء هيمنة حزب البعث، وأصدرت في الرابع من آب (اغسطس) مرسوماً يجيز التعددية الحزبية، لكن قوات الامن والجيش واصلت في الوقت نفسه حملة قمع التظاهرات. في موازاة ذلك، قال ناشطون إن الاقبال على التصويت كان ضعيفاً، وان المناطق التي تشهد مواجهات امنية بين المنشقين والجيش النظامي لم تشهد حركة تصويت تقريباً. وظهرت لقطات على مواقع المعارضة السورية مثل «شام نيوز» و «اوغاريت» و «اتحاد التنسيقيات» مدناً في درعا وحوران وحمص وإدلب مهجورة تماماً بسبب الاضراب العام، ومراكز اقتراع خاوية تماماً من أي مصوتين، ولم يقف فيها سوى عناصر من الأمن. br / وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن السلطات السورية «أجبرت عشرات المواطنين على الذهاب الى مراكز الانتخاب للمشاركة في الانتخابات المحلية» في محافظة ادلب. وأعرب معارض سوري عن «استغرابه لتنظيم انتخابات في هذه الظروف. المدن المشاركة في حركة الاحتجاج لا علاقة لها بهذه الانتخابات». وقال إن الاقتراع يجري «في المناطق التي لم تشارك في الحركة الاحتجاجية ضد النظام»، اي حلب وبعض احياء دمشق ومدينتي السويداء والقنيطرة (جنوب) وطرطوس (شمال غرب) وبعض احياء اللاذقية وبانياس. وكان عمر إبراهيم غلاونجي، وزير الإدارة المحلية السوري، قد دعا المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات وممارسة حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم في تلك المجالس، فيما دعت المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات في ثاني أيام الاضراب العام الذي دعت إليه كمقدمة للعصيان المدني.