الخليل - أ ف ب - يتوافد آلاف الفلسطينيين أخيراً لزيارة الحرم الإبراهيمي في الخليل في الضفة الغربية في محاولة للتأكيد على الطابع العربي الإسلامي للموقع المقدس الواقع في قلب المدينة والمتنازع عليه بين المسلمين واليهود. ويستعد الفلسطينيون لخوض معركة لضم الموقع المقدس إلى لائحة التراث العالمي بعد عام من إعلان إسرائيل ضم الموقع الذي تطلق عليه اسم «كهف البطاركة» إلى قائمة الأماكن الدينية التراثية اليهودية، على رغم وقوعه في الضفة الغربيةالمحتلة. ورداً على الدعوات الإسرائيلية لليهود بزيارة الحرم بأعداد كبيرة، وجه المسؤولون الفلسطينيون دعوات عبر الإعلام المحلي لأهالي المدينة للتوجه إلى الموقع الذي يعتقد أن النبي إبراهيم مدفون فيه. وأُجري احتفال كبير في الحرم الإبراهيمي لمناسبة رأس السنة الهجرية في 26 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حضرته حشود كبيرة من الرجال والنساء والأطفال. وعلق رئيس طاقم موظفي الحرم حجازي أبو سنينة: «لم نر مثل هذه الحشود منذ سنوات، إذ تضاعف عدد المشاركين نحو خمسة أضعاف عن العام الماضي، وهذا تأكيد على عروبة هذا المسجد وإسلاميته». واصطحب العديد ممن حضروا للحرم أطفالاً رضع ليتم ختانهم في الحرم استئنافاً لتقليد قديم اضطروا للتوقف عن القيام به لسنوات بسبب الإجراءات الإسرائيلية. ويوضح صلاح أبو تركي (44 سنة) الذي حضر ليختن ابنه الرضيع: «يطهر المستوطنون أيضاً أولادهم في الحرم، ونحن أحق بذلك لأن المكان مسجد إسلامي خالص». ويشير إلى أن «عملية الطهور (الختان) في الحرم هي عادة قديمة عند أهل الخليل، وشرف كبير لي أن أطهر ابني في هذا المكان المقدس». وكانت إسرائيل اتخذت ترتيبات خاصة لتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود بعد مجزرة قام بها المستوطن باروخ غولدشتاين عام 1994 عندما أطلق النار على مصلين مسلمين، ما أدى إلى مقتل 29 منهم. ويفتح الحرم بأقسامه كافة أمام المسلمين خلال صلاة الجمعة في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، بينما يسمح للمسلمين بالوصول جزئياً إلى الحرم في الأيام العادية. ويقيم العديد من الناس أيضاً حفلات عقد قران في المسجد، ومن بينهم الأسير المحرر بركة طه (32 سنة) الذي أفرج عنه في صفقة الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت. ودعا طه «كل المقبلين على الزواج إلى أن يخطوا مثل هذه الخطوة لدعم صمود أهل المنطقة ونفوّت أي محاولة للاحتلال بتهويده (الحرم الإبراهيمي) أو السيطرة عليه». وتتفق معه العروس لبنى النتشة (19 سنة) مشيرة إلى أن «الحرم الإبراهيمي هو للمسلمين والفلسطينيين، وليس لليهود والمستوطنين، ولن نتخلى عنه وسنكرر زيارته، وسنأتي في المستقبل مع أطفالنا لهذا المكان المقدس». ويخوض الفلسطينيون معركة أخرى لتسجيل الحرم وبلدة الخليل القديمة على لائحة التراث العالمي بعد قبول دولة فلسطين عضواً في «منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (يونيسكو). وعن ذلك، قالت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي لوكالة «فرانس برس»: «قبل قبولنا في يونيسكو، لم يكن لنا الحق بالمطالبة بإضافة مواقع أثرية فلسطينية على القائمة الدولية للآثار على اعتبار أننا دولة تحت الاحتلال، وكانت الطريقة التي أمامنا أن نتوجه إلى دول صديقة لتطالب عنا بهذا الحق». وأضافت: «اليوم بعد قبولنا كعضو كامل العضوية في يونيسكو، باتت لدينا القدرة على التوجه بأريحية إلى المنظمة للمطالبة بوضع أماكننا الأثرية والدينية على اللائحة الدولية لأسماء المواقع الأثرية في يونيسكو، وهذا المكسب الأكبر الذي حققناه من ذلك». ويوضح رئيس بلدية الخليل خالد عسيلي: «بدأنا منذ ثلاث سنوات بحملة لتسجيل الخليل في لائحة يونيسكو»، مؤكداً أن «ملف طلب انضمام الخليل إلى قائمة التراث العالمي جاهز وسيقدم إلى المنظمة الدولية في شباط (فبراير) عام 2012». ويقيم أكثر من 160 ألف فلسطيني في الخليل الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فيما يقيم نحو 600 إسرائيلي في القسم الذي تحتله إسرائيل والذي يغطي 3 في المئة من المدينة. وتشهد الخليل التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي جزئياً عام 1998 مواجهات واشتباكات متكررة بين فلسطينيين ومستوطنين والقوات الأمنية الإسرائيلية.