قرار الحكومة الإسرائيلية الصادر مؤخرًا بضم الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى لائحة المواقع الأثرية اليهودية يشكل أكذوبة تاريخية وقرصنة حضارية إلى جانب اعتباره انتهاكًا صارخًا لاتفاقيتي جنيف ولاهاي وتحديًا جديدًا لإرادة المجتمع الدولي بما يعكسه هكذا قرار جائر من إصرار على مواصلة إسرائيل عدوانها على فلسطين أرضًا وتراثًا وشعبًا ، ووضعها المزيد من العراقيل على طريق عملية السلام المتعثرة أصلاً ، والتي باتت تراوح مكانها منذ أكثر من عام. صدور هذا القرار المجحف على إثر إبداء دول الاتحاد الأوروبي استعدادهم الاعتراف بدولة فلسطينية بعد عام أو عام ونصف على إعلان إقامتها، وقبل انتهاء المفاوضات على الحل الدائم بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ، يعني ضمنًا سباقًا مع الزمن تخوضه حكومة نتنياهو كي تفقد أي دولة فلسطينية مرتقبة المعنى الحقيقي للدولة عندما يسلب الجزء الأكبر من أراضيها ومقدساتها وتراثها وتصبح دولة بلا معنى ولا أهمية ولا مقومات. يبدو من الواضح تمامًا أن قرار نتنياهو يأتي تماشيا وامتدادًا لإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أرئيل شارون أنه «إذا اضطررنا للانسحاب من أراضٍ فلسطينية بالضفة وغزة فإن مناطق الخليل وعتصيون ستبقى ضمن هيكلية الدولة العبرية، ولن يتم الانسحاب منها»، وهو ما تأكد مؤخرًا بشق إسرائيل شوارع استيطانية تربط بين مستوطنة كريات أربع جنوبا مع منطقة الحرم الإبراهيمي لتسهيل وصول المستوطنين للحرم الإبراهيمي في الوقت الذي يحظر فيه على الفلسطينيين الدخول إلى المسجد والصلاة فيه. هذا الإجراء الإسرائيلي الجديد يعتبر بمثابة إعلان حرب ثقافية من جانب إسرائيل على التراث الفلسطيني وسطو على التاريخ والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف ، وهو ما يتطلب وقوف هذا الشعب صفًا واحدًا للدفاع عن مقدساته باعتبارها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه ، وما يتطلب أيضًا من العالمين العربي والإسلامي والمؤسسات الدولية المعنية بما في ذلك اليونسكو التحرك الفوري والعاجل في مواجهة مخططات إسرائيل الهادفة للسيطرة على كافة المواقع الأثرية الفلسطينية وسلب هذه المقدسات ، والتحرك الفوري والعاجل للحيلولة دون تهويد الحرم الإبراهيمي الشريف وسرقة البهجة الإسلامية التي تشع منه.