مانيلا - أ ف ب (خدمة دنيا) - يكافح الآلاف من أفراد شرطة السير، بوجوه متجهمة، أزمات السير الخانقة في شوارع العاصمة الفليبينية مانيلا المعروفة بحركتها الكثيفة يومياً. غير أن راميرو هينوخاس (55 عاماً) يقوم بذلك مبتسماً، وبمساعدة مايكل جاكسون. فمهما كانت ظروف الطقس، وعلى مدار الأسبوع، يقف الرجل عند أحد التقاطعات الرئيسة في مانيلا، ووسط هدير المحركات، يدير حركة السير برشاقة فيما يقوم بخطوات راقصة متقنة، مستوحاة من ملك البوب الراحل الذي كان هينوخاس يعشقه، إلا أن الحماسة التي يضفيها على حركات اليدين، لتوجيه سائقي السيارات، هي من ابتكاره. وحققت له «رقصته»، التي وصلت إلى «يوتيوب»، بعض الشهرة، وجعلته رمزاً للدفاع عن شرطة السير التي يتقاضى أفرادها أجوراً متدنية مقابل عمل مضنٍ. ويقول هينوخاس: «يفرحني أن أرى الناس سعداء، وهم عالقون في زحمة السير، لأنني أدرك كيف تتسم ساعات الذروة بالجنون». وأضاف الرجل، وهو أب لثلاثة أبناء، بعض الإثارة على رقصته هذا الشهر، حين ارتدى لباس «سانتا كلوز» لمساعدة سائقي السيارات في موسم الأعياد. وينتمي هينوخاس إلى عائلة فقيرة من وسط الفيليبين، مؤلفة من 16 ولداً، وكان لا يزال طفلاً حين انتقل للعيش في مدن الصفيح في مانيلا، وبدأ عمله شرطي سير قبل عقد من الزمن، بعد صرفه من وظيفته السابقة كحارس أمني. ويقول هينوخاس إنه أدخل الرقص على عمله، في محاولة لحض السائقين على احترام تعليماته، «واخترت خطوات مايكل جاكسون، وكيّفتها على مقاسي». وتقول مديرية السير في مانيلا التي يعيش فيها 12 مليون إنسان، إن لديها ألفي شرطي بدوام كامل لإدارة السير. يرتدي هؤلاء البزات الزرق أو الخضر، ويقفون عند التقاطعات الصغيرة والكبيرة، بل حتى تلك التي تتمتع بإشارات ضوئية، ويفترض ان يتدخلوا عندما يقع عطل في الإشارات الضوئية، أو عندما تشلّ حركة السير بسبب الأمطار الغزيرة. وتقول الناطقة باسم مديرية السير آلو دورتان، إن أفراد شرطة السير يتعرضون لتلوث رهيب، وهم أحياناً ضحايا لغضب السائقين لأنهم مخوّلون إصدار مخالفات سير، إذ أصيب اثنان منهم على الأقل برصاص أطلقه سائقون، منذ أيلول (سبتمبر)، كما أفادت المديرية، فيما يتعرض شرطيون آخرون «للّكمات والشتائم». ويقول هينوخاس إن عروضه الراقصة ترمي بالتحديد الى التخفيف من توترات مماثلة، فالسائقون غالباً ما يعربون عن استلطافهم لعروضه، من خلال أبواق سياراتهم، فيما هو يهزّ خصره ويدور حول نفسه مشيراً إلى السائقين بالتقدم، وقد يترجّل آخرون ليشتروا له طعاماً أو ليقدموا له مالاً، خصوصاً أن دخله لا يزيد على ثلاثة دولارات في اليوم. ويقول رينالدو نييتو، وهو سائق حافلة يمر بتقاطع هينوخاس مرات عدة يومياً: «إنه لطيف جداً، يرقص لنا عندما نعلق في الزحام، ونحن نتبع توجيهاته»، على رغم أن البعض يتجاهل القانون ويكيل له الشتائم متحدياً سلطته. وفي كل الأحوال، يؤكد هينوخاس أنه يحب عمله، وإن اعترف: «أحياناً أملّ الوقوف تحت أشعة الشمس أو التبلل بالمطر، لكنني أقول دائماً لعائلتي إنني، بطريقتي الخاصة، أساهم في تطوير بلادي».