تقول القصة المترجمة: عندما كنت طفلاً، أعطتني أمي موزة لآكلها، فوضعتها في جيب حقيبتي المدرسية، وعند استراحة الظهر في المدرسة فتحت حقيبتي لآكل الموزة فوجدتها مسحوقة تماماً، تركت الموزة مكانها على أمل أن أزيلها من الحقيبة لاحقاً، لكني وبسبب عطلة نهاية الأسبوع نسيتها.. وعندما فتحت جيب الحقيبة وجدت الموزة وقد أصابها العفن. أغلقت الجيب، ولم أخبر أحداً، وبقيت الموزة سرّي الدفين لثلاثة أيام إضافية، إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق، حتى رفاقي كانوا يتساءلون من أين تنبعث الرائحة الكريهة في الصف؟ مما زاد في إحراجي، فقررت عندها مواجهة الوضع، وقمت بإزالة آثار الموزة المتعفّنة، ونظّفت حقيبتي وأنهيت المشكلة. هذا ما يحصل مع البعض لجهة المشاعر، الآراء، الانفعالات، لا تخرج إلا وقد انتشرت في وجدانهم، عقولهم، وأرواحهم، فتصيبهم بأي شيء يمكن وصفه بأنه غير طبيعي سواء أكان اضطراباً، أو إحباطاً، ومن يورد القصة أعلاه يتحدث عن مواجهة المشاكل، وفتح الحقيبة الداخلية، وذلك عن طريق الاعتراف. عندما يُظهر رب الأسرة مثلاً نفسه على انه يسيطر على أمور المعيشة مالياً، وإجرائياً، وهو عكس ذلك يراكم الديون، أو المغامرات المالية، ثم إذا فتحت الحقيبة حلت على الأسرة كارثة إنسانية ليس ثمنها بالتأكيد بضعة سنوات الوهم الذي عاشوه بأن كل شيء «تمام». نظرية الموز ليست فكرة عاطفية كما اقرأها، هي سياسية، واثبت ما سمي بالربيع العربي أن العفن في بعض المواقع وصل إلى مرحلة ضرورة فتح الحقيبة وتنظيفه، لانعدام القدرة على التنفس، والاستمرار في حياة يمكن وصفها باللاشيء. هي إدارية، وتزخر البيروقراطية في كل مكان من العالم وان بتفاوت لافت بها، وتظل بعض القيادات الإدارية تخفي موزتها، ويطول بها الأمد أحياناً ليس لأن الموز في الداخل لم يتعفن، بل لأنه أبعد كل الأنوف عن حقيبته. لو تأملنا في بعض الأوضاع التي نناقشها اليوم نجدها نتاج أشجار من الموز تمت تخبئتها، عمداً، أو جهلاً، أو ربما أحياناً عدم قراءة للمستقبل، أو القدرة على تخطيطه، خذ مثلاً مشكلة المباني المدرسية جزء منها نتاج تقشف غير مبرر في ازمنة رخاء مضت، تقشف ربما تحاول أمانة المدينةالمنورة حذو حذوه، في ظاهرة غريبة فالحكومة تنفق وتحث على التنفيذ، والبعض يعيد المال. بطالة المورد البشري السعودي، نتاج موزة تعليم، وموزة تنشئة اجتماعية، وموزة موروث شعبي متخلف أحياناً، موزة فهم خاطئ لمعنى الإنتاج، وطريقة الاستمتاع الحقيقية بالرخاء، موزة أنظمة عمل ظنت أن السعودي سيظل كما هو في دورة حياة جيلين مضت يتعلم، يتوظف في الحكومة يتزوج، وينجب إذا قدر له ويموت، وفي مسيرة حياته هناك دوماً من يخدمه ويعمل عنه. الإصلاح والتطوير يبدأ بالاعتراف بأن في الحقيبة موزة، ثم بتنظيف بقايا وآثارها، قبل الشروع في مشروع وضع موزة جديدة فيها. [email protected] twitter | @mohamdalyami