دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من مقديشو، التي وصل إليها الجمعة في زيارة تاريخية مفاجئة، متمردي «حركة الشباب» إلى «وقف العنف والمشاركة في عملية السلام» في الصومال. وقال الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحافي مع الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد: «نحن في غاية السعادة لوجودنا في مقديشو في أول زيارة يقوم بها وفد رفيع المستوى للأمم المتحدة منذ 1993». وآخر أمين عام للأمم المتحدة يزور الصومال كان بطرس بطرس غالي عام 1993. ويشهد الصومال حرباً أهلية منذ سقوط الرئيس سياد بري عام 1991. وأضاف بان كي مون الذي لم يسبق الإعلان عن زيارته لأسباب أمنية: «ندعو المعارضة المسلحة التي يقودها الشباب إلى وقف العنف والمشاركة في العملية السلمية في البلاد». وأكد أن «الأممالمتحدة ستساعد الصومال على إحلال السلام من خلال دعم قوة اميسوم (قوة الاتحاد الافريقي في الصومال) والحكومة الصومالية»، مشيراً إلى أن الأممالمتحدة ستفتتح في كانون الثاني (يناير) المقبل في العاصمة الصومالية مكتباً للشؤون السياسية التي تدار حالياً من العاصمة الكينية نيروبي. وقال ديبلوماسيون في نيروبي إنه كي تحظى الخطة التي أعلنها بان بأهمية فإن هناك حاجة إلى نقل واحد على الأقل من أكبر مسؤولين وهما اوغستين ماهيغا مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى الصومال أو نائبه كريستيان ماناهل إلى مقديشو. وكان برفقة بان كل من ماهيغا وناصر عبدالعزيز النصر رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. والتقوا بالرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء عبد الولي محمد علي. وحض بان جميع الصوماليين على دعم خريطة طريق سياسية تمت الموافقة عليها في وقت سابق هذا العام وتهدف إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية العام المقبل ووضع حد لسلسلة من الحكومات الانتقالية الهشة. وندد بإغلاق بعض مكاتب وكالات الاغاثة من قبل جماعة «الشباب». ويسعى مقاتلو «الشباب» الذين يدينون بالولاء لتنظيم «القاعدة»، منذ سنوات إلى اطاحة الحكومة الانتقالية الهشة المدعومة من المجتمع الدولي. اما رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبدالعزيز النصر فشدد على ضرورة تطبيق خريطة الطريق المتفق عليها بين الأطراف الصوماليين. وأكد النصر في زيارته المشتركة مع الأمين العام للأمم المتحدة إلى مقديشو أهمية «الحفاظ على سلامة موظفي الإغاثة الإنسانية وأمنهم سواء المحليين أو الدوليين المتواجدين على الأرض وضمان استمرارهم في أداء رسالتهم التي تنقذ آلاف الأرواح من دون عراقيل». وتناول جانب من المحادثات التي أجراها بان والنصر في مقديشو الوضع الإنساني في معسكرات النازحين داخلياً التي زارها النصر الأمين العام وأكدا ضرورة منحها مزيداً من الرعاية والدعم والحماية. ولفت النصر إلى أن الصومال «دولة عربية منسية إلا أن مشكلتها ليست عربية فقط بل دولية، ويتعين التعامل معها من المجتمع الدولي بجدية واجتهاد». وكانت «حركة الشباب المجاهدين» اضطرت في مواجهة قوة الاتحاد الافريقي المفوضة من الأممالمتحدة والتي يبلغ قوامها 9700 جندي إلى الانسحاب من العاصمة الصومالية في آب (اغسطس) الماضي. كما تواجه «حركة الشباب» منذ منتصف تشرين الأول (اكتوبر) الماضي فرقة للجيش الكيني دخلت جنوب البلاد للتصدي لهم إضافة الى قوات إثيوبية دخلت أيضاً البلاد الشهر الماضي، وفقاً لشهادات متطابقة. واستناداً إلى مراسل ل «فرانس برس» فإن رئيس الوزراء عبد الولي محمد علي هو الذي كان في استقبال بان كي مون لدى وصوله صباح أمس إلى مطار مقديشو اضافة الى مسؤولين في قوة أميسوم التي تدعم الحكومة الانتقالية في مواجهة المتمردين «الشباب». وكان بان كي مون يرتدي سترة واقية من الرصاص تحمل شعار الأممالمتحدة يرافقه حارس شخصي يضع خوذة. وقد توجه على الفور الى قصر الرئاسة حيث التقى الرئيس شريف شيخ أحمد. وقال الرئيس الصومالي للصحافيين إن «زيارة بان كي مون تضاعف الآمال في الصومال وتشجع السلام والتنمية». وأضاف أن «هذه الزيارة تظهر أيضاً مدى تحسن الوضع الأمني في مقديشو». وفي السنوات الأخيرة شهدت مقديشو مواجهات عنيفة بين القوات الموالية للحكومة وبين عناصر حركة «الشباب» الذين انسحبوا من مواقعهم الرئيسية في العاصمة في آب (اغسطس) الماضي. لكن العاصمة ما زالت تتعرض لهجمات منتظمة بالقنابل اليدوية او السيارات المفخخة. ولم تشهد مقديشو سوى القليل جداً من الزيارات الرفيعة المستوى منذ سقوط سياد بري عام 1991. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 كان الرئيس الاوغندي يويري موسفيني الذي تشارك بلاده مع بوروندي في قوة أميسوم أول رئيس دولة يزور مقديشو منذ نحو 20 عاماً. وفي آب (اغسطس) الماضي توجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بدوره الى الصومال للفت نظر المجتمع الدولي الى اخطر مشكلة جفاف يشهدها هذا البلد في خلال عقدين. ويعاني الصومال الذي لا توجد به حكومة فعلية منذ 1991، من أزمة غذائية حادة نتيجة أعمال العنف المستمرة وكارثة الجفاف الرهيبة التي اصابت أخيراً منطقة القرن الافريقي. واستناداً إلى الأممالمتحدة لا تزال ثلاثة اقاليم في جنوب الصومال تعاني من المجاعة حيث يواجه 250 الف شخص خطر الموت جوعاً. ويعرقل النزاع الدائر بين القوات الموالية للحكومة و «حركة الشباب» التي تسيطر على مناطق كبيرة في وسط وجنوب الصومال ايصال المساعدات الغذائية الى المنكوبين. كما اعلن المتمردون أخيراً منع مجموعة جديدة من المنظمات غير الحكومية ووكالات الاممالمتحدة من العمل في البلاد لاتهامها بالسعي الى تحقيق اهداف سياسية. وتخضع المنظمات الانسانية القليلة التي ما زالت تعمل على الارض لقيود شديدة. وتصاعدت الضغوط العسكرية أخيراً على «الشباب» مع الهجوم المسلح الذي شنته كينيا في جنوب الصومال لابعادهم منه بعد أن اتهمتهم بارتكاب عمليات خطف أجانب على أراضيها وشن هجمات على مناطقها السياحية، وهو أمر ينفيه «الشباب». واستناداً الى شهود فإن متمردي «الشباب» يواجهون ايضا قوات اثيوبية في الغرب. واضافة إلى دعم المجتمع الدولي الكبير للحكومة الانتقالية في الصومال تتواصل الدعوات إلى دعم قوة اميسوم. والخميس الماضي أشاد بان كي مون بقرار كينيا الانضمام إلى قوة الاتحاد الافريقي. وذكر خلال توقف في نيروبي بأهمية أن يبلغ قوام هذه القوة العدد الذي سمحت به الاممالمتحدة وهو 12 الف جندي مقابل 9700 حالياً.