ظهرت بوادر مواجهة بين جماعة «الإخوان المسلمين» التي تصدرت نتائج المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية، والمجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر، على خلفية تصريحات لأحد قادة الجيش قال فيها ان البرلمان المقبل «غير ممثل للشعب»، وتشكيل مجلس استشاري ينازع البرلمان صلاحية تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور التي كفلها إعلان دستوري أقر باستفتاء في آذار (مارس) الماضي. وأعلن الجيش تشكيل مجلس استشاري من 30 عضواً، مؤكداً أن أولى مهامه ستكون وضع مشروع قانون لتشكيل «جمعية تأسيسية» تتولى إعداد الدستور الجديد، متجاهلاً انسحاب «الإخوان» من هذا المجلس الذي اعتبروه «تهميشاً للبرلمان وانتقاصاً من صلاحياته» وإعلانهم رفضهم قيام أي «كيان غير منتخب» بالتدخل في وضع الدستور. وقال المجلس العسكري في بيان إن رئيسه المشير حسين طنطاوي أصدر قرارا ب «إنشاء مجلس استشاري يعاون المجلس (العسكري) خلال إدارته لشؤون البلاد في المدة الباقية من المرحلة الانتقالية حتى إتمام انتخاب رئيس الجمهورية، وستبدأ اعمال المجلس الاستشاري بمناقشة مشروعي قانوني انتخاب رئيس الجمهورية والإجراءات الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد». وكان عضو المجلس العسكري اللواء مختار الملا قال خلال لقاء مع صحافيين غربيين، إن المجلس الاستشاري وحكومة كمال الجنزوري اللذين عينهما الجيش سيمنحان حق الاعتراض على تشكيل اللجنة التأسيسية التي يعلنها البرلمان، ما أثار مخاوف من صدام بين العسكر و «الإخوان» على غرار التجربة الجزائرية في مطلع تسعينات القرن الماضي. وبرر الملا ذلك بأن «هذه هي المرحلة الأولى في ديموقراطيتنا»، مشدداً على أن تفاصيل موازنة الجيش لا بد من أن تبقى بعيدة من رقابة المؤسسات المنتخبة، حتى بعد عودة الجيش إلى ثكناته. وقال: «في المستقبل، قد يحصل البرلمان على هذه الصلاحية، لكن في الوقت الحالي وفي ظل الأوضاع غير المستقرة، لا يمثل البرلمان الشعب المصري كله». واعتبر الأمين العام لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، سعد الكتاتني أن المجلس الاستشاري «ينتقص من صلاحيات البرلمان». وشدد على «ضرورة احترام إرادة الشعب والتعاون بين كل الأطراف للعبور بمصر إلى التحول الديموقراطي بسلاسة». وأوضح أنه «بعد المشاركة في الجلسات الأولى ونتيجة الكثير من التصريحات لقادة الجيش تبين أن المهام التي سيقوم بها المجلس الاستشاري ستكون... انتقاصاً من المؤسسة التشريعية وتدخلاً في إعداد الجمعية التأسيسية للدستور». ورفضت قوى مدنية المشاركة في المجلس الاستشاري، واعتبرته «ديكوراً لا صلاحيات له»، وأن هدفه «تحسين صورة العسكر». وعلى النقيض جاء موقف السلفيين الذين قَبِلوا بأن يمثِّلهم رئيس حزب «النور» عماد عبدالغفور في عضوية المجلس الذي ضم آخرين بينهم المرشحان المحتملان للرئاسة عمرو موسى ومحمد سليم العوا، ورئيسا حزبي «الوسط» أبو العلا ماضي، و «الوفد» السيد البدوي. وكان مصدر عسكري قال ل «الحياة» إنه «سيتم منح المجلس الاستشاري صلاحيات في التعبير عن رأيه واتخاذ القرارات التي ستكون نافذة، بما لا يتعارض مع الجيش ورؤيته، وفي حال حدوث ذلك يتم الرجوع إلى المؤسسة العسكرية». وأشار إلى أن «صلاحية إبداء الرأي في القوانين والاتفاقيات الدولية ستنتهي بمجرد انعقاد البرلمان بغرفتيه، كما أن مهمة المجلس تنتهي تماماً بانتخاب رئيس الجمهورية» المقرر في نهاية حزيران (يونيو) المقبل.