أعلن المجلس العسكري الحاكم في مصر الخميس 8 ديسمبر 2011 تشكيل مجلس استشاري من 30 عضوا وأكد أن أولى مهامه ستكون وضع مشروع قانون لتشكيل "جمعية تأسيسية" تتولى اعداد دستور جديد للبلاد متجاهلا إعلان الاخوان المسلمين، اكبر القوى السياسية في البلاد، رفضها قيام اي "كيان غير منتخب" بالتدخل في وضع الدستور. وقال بيان صادر عن المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الممسك بالسلطة منذ اسقاط نظام مبارك في شباط/فبراير الماضي، ان رئيسه المشير حسين طنطاوي اصدر قرارا ب"انشاء مجلس لاستشاري يعاون المجلس (العسكري) خلال ادارته لشؤون البلاد فى المدة الباقية من المرحلة الانتقالية حتى اتمام انتخاب رئيس الجمهورية (..) وستبدأ اعمال المجلس الاستشاري بمناقشة مشروعي قانوني انتخاب رئيس الجمهورية والاجراءات الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية لاعداد دستور جديد للبلاد". وشدد القرار في ديباجته على انه صدر "نظرا لما تقتضيه المصلحة العامة والظروف الدقيقة المحيطة بالعمل الوطنى". ويضم المجلس الاستشاري، وفقا للقرار، اثنين من المرشحين لرئاسة الجمهورية هما عمرو موسى وسليم العوا اضافة الى العديد من اساتذة الجامعات وممثلي بعض الاحزاب السياسية من بينهم مؤسس حزب المصريين الاحرار نجيب ساويرس. واكد المجلس العسكري ان "مهمة المجلس الاستشاري تنتهي باتمام انتخاب رئيس الجمهورية". واعلن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان في وقت سابق الخميس انسحابه من المجلس الاستشاري احتجاجا على تدخل هذا المجلس في عملية اعداد الدستور الذي اعتبره "تهميشا للبرلمان وانتقاصا من صلاحياته". واكد الموقع الرسمي لحزب الحرية والعدالة الخميس انه "اعتذر عن عدم المشاركة في المجلس الاستشاري وقرر سحب ممثليه في المجلس" وهما رئيسه محمد مرسي والامين العام المساعد للحزب أسامة ياسين". وقال القيادي في حزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي لفرانس برس "أي محاولة لتهميش البرلمان او لتقليص صلاحياته لصالح اي كيان آخر غير منتخب نعتبرها التفافا على الارادة الشعبية ومحاولة للوصاية عليها". وتابع "رأينا بعد تصريحات اللواء الملا والحديث عن ان البرلمان غير متوازن وبعد ان تبين ان من ضمن اختصاصات المجلس الاستشاري المزمع تشكيله وضع معايير لاختيار اعضاء لجنة اعداد الدستور ووضع المبادئ الاساسية للدستور، ان هناك محاولة لفرض وصاية على الشعب وهيئاته المنتخبة". ويقضي الاعلان الدستوري الصادر في 30 اذار/مارس الماضي بأن يقوم الاعضاء المنتحبون في مجلسي الشعب والشورى باختيار لجنة من مئة عضو لوضع دستور جديد للبلاد. ونقل الموقع الرسمي للحزب،عن أمينه العام، الدكتور محمد سعد الكتاتني، قوله إن الحزب اتخذ قراراً بعدم المشاركة في المجلس الاستشاري المقرر تشكيله خلال المرحلة الراهنة، بسبب ما وصفه ب"خروج فكرة المجلس عن النطاق الذي تصوره الحزب، للدور الذي سيقوم به هذا المجلس." وأضاف الكتاتني أن استجابة حزب "الحرية والعدالة" للمشاركة في المجلس الاستشاري كانت قائمة علي أنه "هيئة استشارية" لمعاونة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في إدارة الشأن العام خلال الفترة الانتقالية، وإبداء الرأي في التشريعات الملحة خلال هذه المرحلة، وحتى الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب. وأشار إلى إنه بعد المشاركة في الجلسات الأولي الخاصة بالمشاورات، ونتيجة للعديد من التصريحات الصحفية، تبين أن المهام التي سيقوم بها المجلس الاستشاري ستكون أبعد من ذلك بكثير، وهو ما وصفه بأنه "سوف يمثل انتقاصاً للمؤسسة التشريعية، وتدخلاً في إعداد الجمعية التأسيسية للدستور القادم"، بحسب قوله. وأضاف الكتاتني أن "المرحلة القادمة تقتضي احترام إرادة الشعب والتعاون بين كل الأطراف الموجودة وخاصة بين المجلس العسكري والحكومة المؤقتة والبرلمان المنتخب للعبور بمصر إلي التحول الديمقراطي بسلاسة والوصول بها إلي بر الأمان. ورجحت مصادر داخل جماعة الإخوان أن السبب وراء القرار هو تصريحات أحد أعضاء المجلس العسكري بأن البرلمان القادم لن يمثل كل طوائف الشعب وأن المجلس الاستشاري والحكومة سوف يضبطان ايقاع هذا البرلمان، وكذلك التأكيد على أن ميزانية الجيش لن تكون خاضعة لإشراف البرلمان. ويأتي قرار انسحاب حزب الحرية والعدالة من مشاورات تشكيل المجلس الإستشاري في وقت أعلنت فيه اللجنة العليا للانتخابات النتيجة النهائية من المرحلة الأولى للانتخابات، والتي كشفت عن فوز مرشحي الحزب بأغلبية تتجاوز 60% من المقاعد الفردية وبنسبة مماثلة على القوائم.