لاحت أمس بوادر اتفاق قد يُنهي أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستكلف وضع دستور جديد لمصر، غداة اجتماع بين المجلس العسكري الحاكم وأحزاب سياسية أمهل خلاله جنرالات الجيش القوى السياسية يومين لصوغ اتفاق نهائي، مهدداً بإصدار إعلان دستوري مكمل اليوم يحدد معايير تشكيلها وصلاحيات الرئيس المقبل وعلاقته بالحكومة والبرلمان، كما يتوقع أن يضم صلاحيات واسعة لقادة الجيش. وتدفع بعض الأحزاب الليبرالية باتجاه استصدار الإعلان الدستوري المكمل، فيما يعتبره الإسلاميون تعدياً على صلاحيات البرلمان. وأكد رئيس البرلمان سعد الكتاتني أنه «لا يحق للعسكر استصدار مواد دستورية»، ما رد عليه مسؤول عسكري بالتشديد على «الحق الأصيل لجنرالات الجيش في استصدار إعلان دستوري مكمل». وجرى مساء أمس اجتماع في مقر حزب «الوفد» ضم أحزاب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي، و «غد الثورة»، و «المصريين الأحرار»، و «الوسط»، إضافة إلى عدد من نواب غير حزبيين وشخصيات عامة لصوغ اتفاق نهائي لتشكيل الجمعية التأسيسية. وعُلم أن اتفاقاً حصل لإنهاء الأمور الشائكة التي عرقلت إنهاء الأزمة لفترة، وفي مقدمها أن تحصل الأحزاب السياسية على 37 مقعداً في الجمعية تقسم بحسب موازين القوى داخل البرلمان، كما تم الاتفاق على أن يتم التصويت على مواد الدستور بنسبة 67 في المئة، وفي حال لم يتم الحصول علي هذه النسبة، يعاد التصويت بعدها بيومين لكن بنسبة 57 في المئة لحسم الخلاف. وأكد مؤسس حزب «غد الثورة» أيمن نور ل «الحياة» التوصل إلى اتفاق شبه نهائي في شأن تشكيل الجمعية التأسيسية، مشيراً إلى أن اجتماع مساء أول من أمس كان «لصوغ الاتفاق في شكل نهائي». لكنه لفت إلى أن هذا الاتفاق «لا يمنع من استصدار المجلس العسكري إعلاناً دستورياً مكمل ينظم صلاحيات الرئيس المقبل والبرلمان والحكومة، حتى يتم تشكيل الجمعية التأسيسية وكتابة الدستور الجديد، وهو ما قد يطول لعام». ورأى أن «الإعلان الدستوري المكمل قد يكون مخرجاً يحكم الأمور، ويحدد صلاحيات السلطات خلال مرحلة إعداد الدستور». غير أن النائب المستقل وحيد عبدالمجيد رفض ما طرحه نور، مؤكداً ل «الحياة» أن «الإعلان الدستوري الحالي ينظم صلاحيات الرئيس خلال الفترة الانتقالية التي نعيشها وحتى كتابة الدستور الجديد»، منبهاً إلى أن «وضع إعلان دستوري مكمل سيزكي تأجيل استصدار الدستور الجديد». وأشار عبدالمجيد الذي يقود محاولات للتوافق بين القوى الإسلامية والمدنية إلى أن «هناك تقدماً كبيراً حدث خلال الساعات الماضية حول معايير تشكيل التأسيسية، وأوشكنا على الانتهاء من وضعها». ولفت نائب رئيس حزب «النور» مصطفى خليفة إلى وجود «مرونة متبادلة بين الجميع لإنهاء الأزمة». لكنه قال ل «الحياة» إنه «لم يتم الاتفاق على إصدار المجلس العسكري إعلاناً دستورياً مكملاً خلال اجتماع أول من أمس» بين الأحزاب وقادة الجيش. وأضاف أن الفكرة «تلقى رفضاً من قوى سياسية عدة، ولا يجب أن نضع جنرالات الجيش في نهاية المرحلة الانتقالية في صدام مع القوى السياسية». وقال: «من حيث المبدأ نحن نرفضها في شدة. لكن في حال حصل توافق بين جميع القوى السياسية على ضرورة استصدار إعلان دستوري مكمل ينظم صلاحيات الرئيس والبرلمان والحكومة ودور الجيش في المرحلة المقبلة فلا مانع من مناقشة الأمر». غير أنه رهن ذلك ب «اتفاق كل الأحزاب الممثلة في البرلمان باعتبار أنها تمثل إرادة الشعب». ورفض في شدة أن يتضمن الإعلان المكمل معايير تشكيل «التأسيسية»، معتبراً اللجوء إلى تلك الخطوة «تغولاً على سلطات البرلمان». وكان رئيس البرلمان شدد أول من أمس على أنه «لا يمكن أحداً أن ينال من سلطة البرلمان سواء باستصدار مراسيم قوانين أو إعلان دستوري أو غيره»، ما رد عليه مسؤول عسكري باعتبار أن «حديث الكتاتني إرضاء للأعضاء الذين هاجموا اجتماع المجلس العسكري مع المجلس الاستشاري ومع رؤساء الأحزاب، واعتبروه تدخلاً في عمل البرلمان». وشدد على أن «إصدار أي إعلان دستوري هو من حق المجلس العسكري، وبالتالي فمن حقه إصدار إعلان دستوري مكمل... من حق البرلمان عمل تشريع قانوني، ومن حق المجلس العسكري إصدار أي إعلان دستوري قبل انتخاب رئيس الجمهورية. هناك فرصة حتى (اليوم) الخميس للأحزاب على الاتفاق على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وبعدها سنرى ماذا يمكن عمله». غير أن محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود أكد ل «الحياة» أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم تعد لديه سلطة تشريعية أو قانونية لتعديل الإعلان الدستوري القائم، أو إصدار إعلان دستوري مكمل، بعد أن انتقلت سلطة التشريع منه إلى البرلمان»، مشيراً إلى أن «أي تشريع جديد لا بد وأن يمر عبر مجلس الشعب، بعد أن زالت الولاية التشريعية للمجلس العسكري». وأوضح أن «فكرة إصدار إعلان دستوري لا تكون إلا في مرحلة انتقالية والمفروض أن هذه المرحلة على وشك الانتهاء بعد إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وبدء التصويت في الجولة الثانية، ومن ثم فإن طرح هذه الفكرة يكون مخالفاً للمنطق لأن سلطات الرئيس والبرلمان لا بد أن تنظم وفقاً لدستور طبيعي وليس موقتاً». وأكد أنه في حال قيام جنرالات الجيش باستصدار إعلان دستوري مكمل، «سنطعن عليه بالبطلان إذ أنه منعدم تماماً من الناحية التشريعية».