تواجه الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة محمد سالم باسندوة، التي تشكلت اول من أمس، تحديات جمة في سعيها الى تخفيف أثر الإحتجاجات الشعبية التي استمرت عشرة شهور، بخاصة في مجال استعادة ثقة المستثمرين والشركات في الإقتصاد اليمني. وأظهرت قائمة التشكيلة الوزارية، اختيار المجموعة الإقتصادية المكلفة العمل في الفترة المقبلة بعناية تامة من فئة «التكنوقراط» والمهنيين الذين يتمتعون بسمعة طيبة ونظافة الكف، لاستيعاب مطالب الشباب ومكافحة الفساد. وتضم التشكيلة الوزارية النائب المشاكس صخر الوجيه وزيراً للمال، وهو نائب سابق في البرلمان عن «حزب المؤتمر الشعبي» وصاحب المواجهات الساخنة في شأن قضايا فساد، كما انه يرأس تحالف «برلمانيون لمكافحة الفساد». وكذلك وزير النفط والمعادن هشام شرف عبدالله الذي اثبت كفاءة عالية خلال تحمّله أعباء وزارة الصناعة والتجارة أثناء الأزمة، وهو مقبول من السلطة والمعارضة، كما انه تدرّج في مناصب فنّية عدة في الحكومات السابقة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، ويملك خبرة واسعة في التعامل مع الشركات والمؤسسات المانحة. وتضم الحكومة أيضاً وزير التخطيط والتعاون الدولي محمد السعدي، وهو قيادي في «حزب الإصلاح» المعارض ولديه خبرات عدة في التنمية والإدارة، كما تضم القيادي المعارض صالح سميع وزيراً للكهرباء، وهو وزير سابق لشؤون المغتربين استقال من الحكومات السابقة بسبب رفضه الفساد. ويلفت الإنتباه في الحكومة الجديدة تولّي عضو «الهيئة العليا لمكافحة الفساد» في اليمن سعد الدين بن طالب منصب وزير الصناعة والتجارة، ما أثار ارتياحاً في قطاعي الأعمال والتجارة، كما تولى منصب وزير النقل احد شباب الثورة القيادي في «الحزب الإشتراكي اليمني» المعارض واعد عبد الله باذيب. وأفادت مصادر إقتصادية بأن برنامج حكومة باسندوة سيركز على الأولويات المتعلقة بإنعاش الإقتصاد في الفترة المقبلة. وأشارت الى أن المسودة الاولية للبرنامج تتضمن حزمة من الاجراءات الهادفة لتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين، تتضمن دعم المواد الأساسية وتنظيم التعرفة الجمركية والضرائب، وخفض التعرفة الخاصة بالكهرباء والمياه، وضبط أسعار المواد الغذائية وإلغاء الزيادات التي طرأت على الاسعار خلال الأزمة، وإعادة العمل بالأسعار السابقة تمهيداً لخفض اسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي، بخاصة الديزل الذي يمثل مادة اساسية للمزارعين. وأوضحت أن المسودّة الأولية للبرنامج المتوقع مناقشته الأسبوع المقبل تنصّ على توفير 200 الف فرصة عمل للشباب سنوياً، اضافة الى رفع اعتمادات الضمان الاجتماعي بنسبة 100 في المئة وزيادة مليون ونصف مليون مستفيد، وفقاً لمسح جديد للاسر الفقيرة، اضافة الى اعادة صياغة مشروع قانون الضرائب وخفضها الى 5 في المئة، على ان تحصّل مرة واحدة في المنافذ الحدودية. إلى ذلك، اقترح أستاذ الإقتصاد في «جامعة صنعاء» طه الفسيل على حكومة الوفاق الوطني، مواجهة التحديات الاقتصادية العاجلة ومعالجتها، والترتيب لتنظيم مؤتمر اقتصادي وطني مغلق يضم خبراء اقتصاديين يمنيين، ليساهموا في رسم سياسات اقتصادية مستقبلية لليمن، تحقق آمال المواطنين في تأمين العدالة الاجتماعية، ونمو اقتصادي مرتفع ودائم يعتمد على مصادر انتاج حقيقية، غير ريعية او هامشية. ونصح الفسيل بالتركيز على توفير مزيد من فرص العمل وتشجيع القطاع الخاص والمبادرات الفردية، والانفتاح الاقتصادي، اقليمياً وخارجياً، اضافة الى الاتفاق على الاسس والمبادئ العامة وطبيعة الاصلاحات الاقتصادية الهيكلية المرتقبة.