حلّت الجزائر ضيفة شرف على الصالون الخامس عشر للتراث والثقافة والترميم الذي أقيم في مدينة البندقية الإيطالية خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري. وعرضت الجزائر تراثها المادي والمعنوي تحت عنوان «فن، ذاكرة، وإبداع»، على مساحة 150 متراً مربعاً في فضاء «ترمينل باسيجيري» في ميناء البندقية، حيث أبرزت أيضاً تراثها غير المادي المسجل لدى اليونيسكو. وقُدّمت مساهمة الجزائر في شكل فني إبداعي من تصميم الفنان زين الدين سفاج، واختار كريم إيغيل احريز تقديم تاريخ بلاده، منذ الشهادات الأولى على وجود الإنسان (في منطقة الطاسيلي) إلى جزائر اليوم التي تسعى إلى حماية مواقع أثرية عدة فيها. وسافرت شاشات المعرض الجزائري بالزوار إلى مواقعها الأثرية السبعة المسجلة، في مناطق متفرقة من الجزائر، وهي: طاسيلي ناجير، وادي ميزاب (في كل من تامنراست وغرداية في جنوبالجزائر)، تيمقاد وجميلة (في ولايتي باتنة وسطيف في شرق الجزائر)، قلعة بني حماد (في تلمسان في غرب الجزائر)، وتيبازا والحي القصبة (في ولايتي تيبازا والجزائر العاصمة في الوسط). كما تعرّف الزوار على التراث غير المادي الجزائري، الموثق على قائمة التراث العالمي غير المادي لليونيسكو، ويتعلق بأهليل قورارة، الأمزاد، و «السبيبة» ولباس العروس في مدينة تلمسان وغيرها. و «أهليل» واحة قورارة، هو نوع موسيقي وغناء وشعر يتصل اتصالاً وثيقاً بتقاليد سكّان منطقة قورارة في مدينة تيميمون الساحرة، الواقعة على مسافة ألف كيلومتر جنوب العاصمة. وتعرف قورارة بأنها منطقة صحراوية واسعة في مساحة دولة قطر، وتقع في «مثلث النار» الذي يشير إلى أكثر مناطق العالم حراً بحسب المتخصصين. وقد تحول هذا الفن إلى واحد من 43 نوعاً من روائع التراث الإنساني غير المادي، والذي كاد ينقرض لولا تسجيله لدى اليونيسكو، إذ يصفه مراد دلباني، وهو مدوّن جزائري، بأنه نوع من «الجاز الجزائري»، ويعود تاريخه إلى أيام العبيد الذين اشتغلوا في أراضي الصحراء. أما «الإمزاد»، فهي آلة موسيقية، ذات وتر واحد، تعزف عليها النساء ومحرّمة على الرجال من طوارق الجزائر. كما أنها، في ثقافة «الرجل الأزرق»، موسيقى تعزفها المرأة للرجل، وغالباً ما تعزف في الظلام يرافقها الشعر والغناء والرقص. وإلى هذه الجماعة أيضاً تُنسب «السبيبة»، وهي حفلة قبلية للطوارق، تقام في نهاية كل عام بحسب التقويم القمري الإسلامي. وحاضرت مجموعة من مسؤولي قطاع الثقافة، من بينهم كريم إيغيل احريز محافظ المعرض، ومراد بوتفليقة مدير الحفظ وترميم التراث الثقافي، ومراد بطروني مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية، حول فن الرسم على الصخور في الصحراء. كما عرضوا مشروعاً رقمياً لتوثيق الممتلكات الثقافية، إلى جانب محاضرة بعنوان «الماء هو الحياة» حول مشروع إعادة تهيئة أنظمة تجميع الماء القديمة الذي تعمل عليه وزارة الثقافة من أجل إعادة الحياة إلى 80 واحة في جنوبالجزائر. وتحدث عن المشروع أيضاً بييترو لوريانو خبير التوازن البيئي لدى اليونيسكو، وهو شاهد على التعاون الثقافي بين الجزائر وإيطاليا التي تتكفل بمشاريع ترميم عدّة لمواقع تاريخية جزائرية.