تونس - رويترز - نظّم آلاف الإسلاميين والعلمانيين التونسيين احتجاجات متزامنة أمس السبت في نزاع بشأن مساحة الدور الذي يمكن أن يلعبه الإسلام في مجتمع ما بعد ثورة «الربيع العربي» في البلاد. وتصاعدت حدة التوتر بين المعسكرين منذ الانتفاضة في كانون الثاني (يناير) التي ألغت حظراً على الإسلاميين ومهّدت الطريق أمام حزب إسلامي معتدل ليتولى السلطة على رأس حكومة ائتلافية. وثارت أحدث جولة من الاحتجاجات عندما احتشد إسلاميون متشددون في حرم جامعة قرب العاصمة للمطالبة بالفصل بين الطلاب والطالبات في حجرات الدراسة وحق الطالبات في ارتداء النقاب. وتجمّع نحو 3000 إسلامي خارج الجمعية التأسيسية في حي باردو بالعاصمة تونس أمس السبت، حيث قامت الشرطة بالفصل بينهم وبين احتجاج مضاد شارك فيه نحو ألف علماني. ويقول الإسلاميون إن النخبة العلمانية التي تدير البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا مازالت تقيّد حريتهم في التعبير عن دينهم. ويقول منافسوهم إن الإسلاميين يحاولون فرض دولة إسلامية في تونس التي كانت واحدة من أكثر الدول الليبرالية في العالم العربي. وحمل المحتجون الإسلاميون في التجمع الحاشد لافتات كتب عليها «نؤيد شرعية الغالبية» و «تونس الإسلامية ليست علمانية» و «لا للتطرف العلماني». وقال المحتج الإسلامي نور الدين مشفر، إن الشعب التونسي عبّر عن ارادته عندما منح الفوز لحزب النهضة الإسلامي المعتدل في الانتخابات التي جرت في تشرين الأول (اكتوبر). وقال مشفر ل «رويترز»: «إنه شيء غريب. اليوم في تونس نعيش في ديكتاتورية الأقلية». وأضاف: «يجب أن يحترموا ارادة الشعب ...». وأصدر حزب النهضة بياناً قال فيه إنه لا يؤيد احتجاج الإسلاميين خارج البرلمان. غير أن الخصوم العلمانيين قالوا إنهم يعتقدون أن البرنامج الحقيقي لحزب النهضة يتمثل في انشاء دولة إسلامية. وقالت العلمانية رجاء دالي: «الاسلاميون... يريدون استخدام الدستور لانتزاع السلطة والانقلاب على الديموقراطية». وقالت في اشارة إلى حمادي الجبالي المسؤول الرفيع في حزب النهضة ومرشحه لرئاسة الحكومة الائتلافية: «إنهم يريدون اعطاء كل السلطات لرئيس الوزراء». وزيرة فرنسية «قلقة» وفي باريس (ا ف ب)، قالت وزيرة فرنسية من أصل جزائري إنه لا يوجد شيء اسمه الاسلام المعتدل. واعتبرت وزيرة الدولة للشباب جانيت بو غراب لصحيفة «لو باريسيان»، أن أي تشريع يستند إلى الشريعة سيفرض «لا محالة» قيوداً على الحقوق والحريات. وبوغراب فرنسية من أصول جزائرية، ووالدها من الحركة، وهم جزائريون ناصروا فرنسا خلال حرب الاستقلال الجزائرية. وقالت بو غراب: «إنه امر مقلق للغاية... لا أعرف أي إسلام معتدل». وأضافت أن «الشريعة (الاسلامية) لا تقبل الحلول الوسط». وجاء رد الوزيرة الفرنسية تعليقاً على النجاحات التي أحرزتها النهضة في تونس والعدالة والتنمية في المغرب والإخوان المسلمون والسلفيون في مصر. وانتقدت الوزيرة تصويت 30 في المئة من التونسيين الذين يعيشون في فرنسا لحزب النهضة في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي، قائلة: «ما يثير صدمتي هو ان هؤلاء الذين يتمتعون بالحقوق والحريات هنا منحوا أصواتهم لحزب ديني» تونسي.