كانت الدائرة الخامسة في القاهرة، التي تضم أحياء المطرية والمرج والسلام وعين شمس من أكثر الدوائر إثارة للجدل في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي فاز الإسلاميون بغالبية مقاعدها. واستمرت المشاكل في هذه الدائرة في كل مراحل العملية الانتخابية بدءاً من عملية الاقتراع مروراً بإغلاق اللجان ثم الفرز وأخيراً إعلان النتائج. فدائرة عين شمس كانت لجانها آخر من فتحت أبوابها أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم، إذ تأخر وصول أوراق الاقتراع إليها في أول أيام التصويت أكثر من سبع ساعات، ما أثار تساؤلات عدة، خصوصاً بعد تكرار الأمر ذاته في ثاني أيام الاقتراع وبعد إيقاف ضابط الشرطة المسؤول عن إرسال بطاقات الاقتراع من اليوم الأول. وكادت الدائرة تشهد أعمال شغب أثناء إغلاق أبواب الاقتراع بعد نهاية اليوم الثاني منه، إذ لم يتمكن الآلاف من التصويت بسبب ضيق الوقت. وتم تجاوز الأمر بعد تدخل قيادات في الجيش والشرطة لتبدأ «معضلة الفرز»، إذ لم يتمكن القضاة من فرز الأصوات بسهولة في ظل تكدس مئات من أنصار المرشحين الذين أصروا على حضور عملية الفرز، وهو ما أعاق استمرار عمل القضاة. وبدأ الجدل يحتدم بعد حديث أحزاب وقوى إسلامية عن تلاعب في عملية الفرز. والدائرة الخامسة هي الوحيدة التي عُلَّقت نتائجها ولم يعلنها رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز ابراهيم ضمن نتائج المرحلة الأولى. وعزت اللجنة ذلك الأمر إلى استمرار عمليات الفرز. وفي وقت لاحق، أُعلن خوض مرشحي حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي جولة الإعادة على المقعدين الفرديين (فئات وعمال)، لكن إبطال أصوات أكثر من 160 ألف ناخب في هذه الدائرة أثار احتقاناً بين المرشحين، الذين حشدوا أنصارهم أمام اللجنة العامة التي تشهد عمليات الفرز للمطالبة بإعادة الانتخابات فيها، ما دفع الجيش إلى إرسال تعزيزات إليها من أجل السيطرة على الموقف لئلا يتحول إلى اشتباكات. وقرر أنصار «الحرية والعدالة» و «الوسط» ذي الجذور الإسلامية، البدءَ في اعتصام مفتوح أمام مقر اللجنة لحين تنفيذ مطلبهم. واعتبر الأول أن «اللجنة العليا للانتخابات أعلنت نتيجة تخالف الواقع في الدائرة الخامسة»، فيما استنكر مرشح الحزب على مقعد الفردي (عمال) أشرف سعد ما اعتبره «تلاعباً في الأصوات وتعمد إخفاء نتيجة الفرز لمدة يوم كامل ثم إظهارها في شكل غير مقبول منطقياً يثير شكوكاً حول نزاهة النتيجة النهائية في شكل فعلي». وذكر حزب «الوسط» في بيان أن أنصاره «سيعتصمون داخل لجنة الدائرة الخامسة في القاهرة اعتراضاً على التلاعب في إعلان نتائج الانتخابات»، مشيراً إلى أنه قدَّم طعوناً انتخابية ضد اللجنة العليا للانتخابات.