تبدو المسافة السياسية التي تفصل أميركا الجنوبية عن أميركا الشمالية أكبر بكثير مما هي على أرض الواقع، وتتضح هذه الفوارق في حديث رئيس جمهورية الدومينيكان ليونيل فيرنانديز عن عملية السلام، وعمله اليوم في قمة تستضيفها فنزويلا مع باقي دول أميركا اللاتينية للبحث بدعم موازنة «منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (يونيسكو) بعد تجميد واشنطن تمويلها السنوي للمنظمة. يتحدث فيرنانديز بتواضع عن تجربة دول أميركا اللاتينية في الانتقال الى الديموقراطية، ويرفض «الإملاء» على دول العالم العربي كيفية إدارة المراحل الانتقالية. هنا نص المقابلة التي أجرتها «الحياة» معه على هامش «المنتدى العربي - اللاتيني لبناء شراكة للتنمية والسلام» المنعقد في كارتاهينا: ما هو برأيك سبب الجمود اليوم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ - ما أراه من موقعي في أميركا اللاتينية أن الأزمة الاقتصادية العالمية تأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام الدولي، وبالتالي قد تكون ألهت عن ملف عملية السلام، فأزمة الديون في أوروبا والنمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة، طبعاً إلى جانب الربيع العربي والانتخابات الرئاسية الأميركية والفرنسية المنتظرة عام 2012 وأخرى جرت في دول أوروبية، تأخذ انتباه الدول المؤثرة من عملية السلام. نحن في كولومبيا، أحدى الدول التي لم تؤيد خطوة السلطة الفلسطينية لنيل العضوية في الأممالمتحدة، هل خذلت أميركا اللاتينية العالم العربي؟ - كما قلت في خطابي في هذا المؤتمر، ليس هناك موقف واحد لدول أميركا اللاتينية، هناك تنوع في أمور عدة، إنما عموماً يمكن أن أقول إن هناك التقاء عاماً بين دول أميركا اللاتينية للإعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة، ونعرف أن هذا سيحصل سريعاً. في المقابل، هناك دول أخرى مثل جمهورية الدومينيكان (بلده) اعترفت علناً بفلسطين، كما أننا سنتبنى في هذا المؤتمر قراراً يدعم خطوة يونيسكو بقبول فلسطين عضواً كاملاً فيها. بالنسبة الى تصويت «يونيسكو»، ونحن هنا في كارتاهينا أحدى مدن التراث العالمي، هل سنرى تحركاً من أميركا اللاتينية بعدما جمدت الولاياتالمتحدة حصتها من التمويل؟ هل ستزيدون من نسبة تمويلكم؟ - هذا أمر سنبحثه في قمتنا اليوم في كاراكاس. أنا متأكد أن دعم يونيسكو سيكون على الطاولة بعد معاقبتها لقبولها تصويت الكثير من الدول لعضوية فلسطين، وكيف يمكن دعمها في هذا الصدد. كيف يمكن أن تساعد أميركا اللاتينية العالم العربي في ظل التحولات السياسية التي عاصرتها الكثير من هذه الدول؟ - هذا المؤتمر هو بداية لتعميق الشراكة الإستراتيجية والحوار بين الجانبين. نحن في صدد فهم ما يجري في العالم العربي كي لا نقع في الخطأ. ليس هناك نموذج واحد صحيح هنا، ولكل حالة خصوصيتها. طبعاً يمكن أن نتواصل في شأن تجربة أميركا اللاتينية في السنوات الثلاثين الماضية، ونتشارك الدروس في شأن تحسين عمل المؤسسات. في الوقت نفسه، من الصعب جداً تحديد الدروس قبل أن أتبادلها مع القيادات العربية لأن هذا سيكون تعجرفاً، وكأننا نحاول تلقين القيادات العربية دروساً عما عليهم فعله. يمكننا أن نتعلم الكثير من العالم العربي وأن نشاركه خبرتنا. الجالية العربية في أميركا اللاتينية تناهز 20 مليوناً وثروة العالمين تتخطى ال 10 تريليونات دولار، لذلك بإمكاننا أن نتعاون في الكثير من القضايا. ما من شك أن ما نجح لدينا في أميركا اللاتينية هو استيعاب أطياف المجتمع المختلفة في العملية السياسية، علماً أن ما يجري هو عملية تاريخية في العالم العربي، وعلى كل دولة التعامل معها بنفسها. هل تريد دوراً أكبر في عملية السلام؟ - أنا دائماً مستعد أن أتعاون في أي شيء يوصل الى السلام في أي مكان في العالم، إنما لا يمكن أن أعرض نفسي. أنا متوفر عندما تطلب مني الدول المتنازعة هذا الأمر. متى ستزور المنطقة؟ - زرتها في حزيران (يونيو) الماضي. الجولة كانت إلى الأردن وفلسطين.