لم يتردد كثيراً في سبيل الحصول على مصدر رزق والاعتماد على نفسه، ولم يركن إلى وضعه الصحي السيئ، بل أصرَّ على مساعدة والديه في مواجهة مصاعب الحياة. وعلى رغم إعاقته المستمرة، إلا أنه ما زال مستمراً في حفر الصخر وتجاوز الصعاب، واضعاً نصب عينيه أن يصبح مثل غيره من أقرانه الذين واصلوا تعليمهم والتحقوا بشتى الأعمال والوظائف. بدأت حال سيف، وهو شاب في العقد الثاني من عمره، بالتردي والتراجع تدريجياً وفي شكل مفاجئ بعد أن كان يرفل في ثوب الصحة والعافية. وعن هذا التحول يقول: «عندما كنت صغيراً لم أكن أعاني من أي عارض صحي أو ضعف، ولكن بعد مرور فترة المراهقة لاحظت تغيّراً في أطرافي السفلى، خصوصاً الساقين»، موضحاً أنهما بدأتا في الضمور والضعف في شكل مخيف. من هنا بدأ سيف سلسلة المراجعات في المستشفيات الحكومية في كل من جدة والرياض والطائف، وكانت التقارير الطبية تشدد على ضرورة الاستمرار على أنواع معينة من الأدوية والعقاقير، «ولكن غلاء الأدوية اضطرني إلى التوقف عن شرائها»، مستدركاً: «لم أيأس في رحلة البحث عن علاج لإعاقتي، خصوصاً أنني ما زلت في مقتبل العمر». ويضيف: «سافرت بعد ذلك إلى عدد من الدول العربية، ولكن الوضع لم يتغير، والسبب تكاليف السفر والعلاج»، مشيراً إلى أن ساقيه ومع مرور الوقت صار حجمهما يقل تدريجياً حتى بات مقعداً في شكل تام، وبالتالي أجبر على استخدام الكرسي المتحرك. خفت صوت سيف وهو يتحدث، ثم عاد بالذاكرة إلى الوراء: «كنت أقود السيارة وأذهب يومياً إلى عملي في المزرعة وأمارس البيع والشراء، ولكن طموحي قتل وتلاشت أحلامي جميعها، فلم أعد أستطيع إنجاز أدنى مجهود أو الحركة بشكل طبيعي»، لافتاً إلى أنه بدأ في جلسات العلاج الطبيعي والاستعانة بسائق في جميع تنقلاته، إلا أنه في المقابل ابتعد عن الاجتماعات الأسرية وعن مخالطة الأصدقاء، ما سبب له حالاً من العزلة والاكتئاب النفسي «حتى والدتي لم أعد أريد مواجهتها بعد أن أصبحت عاجزاً عن الزواج وتكوين أسرة». وتستمر معاناة الشاب سيف وهو ينتظر حصوله على كرسي كهربائي من مركز التأهيل في منطقة الطائف، فالمركز لا يملك سوى كرسي واحد فقط، وما زال سيف في قائمة الانتظار، الذي ربما يستمر طويلاً. مع ذلك، لم يتوقف في البحث والاستعانة بالمراكز الخيرية التي تؤمّن الكراسي المتحركة، ولكن التحجج بكثرة المرضى وطول الانتظار أرغمه على كرسيه الحالي، مع أنه غير عملي. ويطلب سيف من المسؤولين في وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية العمل على توفير كرسي متحرك في أقرب وقت، إضافة إلى الإسراع في علاجه حتى يعود كما كان، كما يرجو من أهل الخير مساعدته في إيجاد علاج أو تأمين سيارة للمعوّقين لسد حاجاته وتسهيل حياته اليومية.