قديماً، ساد اعتقاد بأن الأمراض المرتبطة بخلل في نظام المناعة عند الإنسان، خصوصا أمراض ال»روماتويد» Rheumatoid Diseases، تصيب الكبار وحدهم. لكن بحوثاً حديثة أكدت أن ال»روماتويد» يصيب الأطفال منذ الشهر السادس للولادة. لذا، ركّز المؤتمر ال33 ل»الجمعية المصرية لأمراض المفاصل والروماتيزم» الذي إختُتِم في القاهرة أخيراً، على هذا النوع من البحوث، إضافة الى الإهتمام بالمبادئ الجديدة المتّصلة بتشخيص أمراض الروماتيزم وعلاجها، وفي مقدمها مرضا «روماتويد» وإلتهاب المفاصل. الأم تُشخّص روماتويد الطفل تحدّث الدكتور أيمن الجرف رئيس المؤتمر وأستاذ أمراض الروماتيزم في كلية الطب بجامعة القاهرة، عن «روماتويد» الأطفال. وأشار إلى وجود ثلاثة أنواع منه. يسمى الأول الروماتويد المحدود في المفاصل، بمعنى أنه يصيب ما يراوح بين 1 و4 مفاصل ومن مضاعفاته التهاب قزحية العين، ولذا لا بد من فحص قاع العين عند الطفل المصاب، وإلا فقد يفقد بصره. ويتمثّل النوع الثاني في الروماتويد المتعدد المفاصل، وهو شبيه بمرض الكبار، إذ يصيب 5 مفاصل أو أكثر، ويكون التدهور فيه سريعاً ما لم يؤخذ العلاج المناسب. ويتجسّد النوع الثالث في روماتويد الأطفال العام، ويكون مصحوباً بارتفاع في درجة الحرارة في وقت محدد من اليوم، كما يصاحبه ظهور طفح جلدي يشبه الحصبة، وقد يحدث التهاب في المفاصل أو لا يحدث، وهو عنيف في بعض الأحيان، ويحتاج إلى جرعات عالية من الكورتيزون. وقد يُشخص هذا النوع خطأ على أنه التهاب أو عدوى بكتيرية، لأن تحليل الدم يظهر كريات الدم البيض مرتفعة. وتكون الأم هي الأقدر على ملاحظة الحال عبر مراقبة طفلها، خصوصاً لجهة حدوث تورم في المفاصل، خصوصاً في الساعات الأولى من الصباح وعند استيقاظ الطفل من النوم. إذ قد تجد الأم أن الطفل لا يستطيع أن يضغط على إحدى قدميه للمشي، ويعرج لمدة نصف ساعة يومياً، ثم تزول الأعراض كافة حتى اليوم التالي. وأوضح الجرف أن العلاج البيولوجي Biological Therapy يناسب الأطفال من سن 4 سنوات. ويؤخذ حقناً تحت الجلد مرتين في الأسبوع. وقال: «كلما شُخّص المرض مبكراً، أدى ذلك إلى نتائج أفضل، لأنه إذا تليّف المفصل فإنه لا يعود إلى حاله الأولى». وأشار الدكتور خالد الحديدي، أستاذ الروماتيزم في كلية الطب بجامعة القاهرة، إلى أن نسبة انتشار الروماتويد في مصر هي واحد في المئة، وتماثل نظيرتها عالمياً. وقال: «عدد المصابات بهذا المرض يبلغ ضعفي عدد المصابين به، لأن هرمون إستروجين في النساء يحفّز جهاز المناعة. ويُعاني الرجال من تآكل العظام، بينما تعاني السيدات أكثر من جفاف العين والفم. ويتطور المرض بنسبة 75 في المئة لدى السيدات أثناء الحمل. ويزداد إمكان الإصابة لدى من لديها ثلاثة أولاد أو أكثر. ولا يمنع المريض عن أي مأكل، مع تفضيل أن يكثر من تناول الأسماك. يصيب المرض المفاصل الصغيرة في اليدين والقدمين بالالتهاب والتورم. ثم يصيب أيضاً المفاصل الكبيرة مثل الركبة والورك. ويؤدي إلى بعض التشوهات بالمفاصل. ويؤثر في العين والرئة. يبدأ الروماتويد في 65 في المئة من الحالات في فصل الشتاء. فيسير ببطء وعلى مدى أسابيع عدة. وقد يبدأ بإحساس بالتيبس صباحاً، يتحسن مع الحركة. وتلاحظ المريضة أن عضلاتها تضعف. وتصبح مهمات سهلة مثل فتح الباب أو صعود السلالم، صعبة عليها. وفي 8 إلى 15 في المئة من المرضى تتضح الصورة في بضعة أيام. وتتأثر المفاصل الصغيرة بسرعة، خصوصاً أصابع اليد والقدم. ويتضمن التشخيص إجراء تحليل إسمه «أنتي- سي سي بي» يسمى Anti-CCP، (وهذا أمر جديد) للتأكّد بدقة من وجود الروماتويد. وتستعمل صور الأشعة العادية لتوضيح تآكل العظام وترقرقها». وأوضح الحديدي أن هناك أمراضا تشبه الروماتويد، لكنها لا تُحدِث تآكل العظام أو تشوهاً في المفاصل. وتحدّث عن وجود نظريات حول مرض الروماتويد، تتقاطع عند العلاقة بين المرض وحدوث خلل في عمل جهاز المناعة عند الإنسان. وأشار إلى توافر طرق علاجية متنوّعة للمرض، منها ما هو غير دوائي مثل العلاج الطبيعي، والعلاج المهني. وبيّن أن العلاج الدوائي يشمل أشياء مثل مسكّنات الألم ومضادات الالتهاب، التي تحاول وقف تقدم المرض وتمنع تدمير المفاصل. وكشف عن أدوية حديثة يُشار إليها بإسم «الأدوية البيولوجية» («بيولوجيكس» biologics) قد تزيد من فرص الشفاء. وأشار إلى استخدام العلاج البيولوجي لعلاج أنواع متعدّدة من الروماتيزم، مُبيّناً أن هذا العلاج حصل على موافقات من «المكتب الأميركي للغذاء والدواء» و»الوكالة الأوروبية للأدوية». وشدد على وجود معايير محددة لاستخدام العلاج البيولوجي، الذي يجري اللجوء إليه عندما لا تحدث استجابة كافية مع الأدوية التقليدية. وقال الحديدي: «هناك علامات محددة يمكن أن يبحث عنها الطبيب قبل وصف العلاج البيولوجي. فقد يجد أن هناك عدداً كبيراً من المفاصل ملتهبة، فيُجري اختبار «أنتي- سي سي بي» لتحديد التشخيص المناسب. ومن المزايا الأساسية للعلاج البيولوجي، أن نسبة السيطرة على المرض تكون أعلى من الأدوية التقليدية. فهذه الأخيرة لا تمنع تآكل الغضاريف داخلياً، رغم تحسّنه خارجياً. ويؤدي هذا إلى نتوءات في العظام. وتتدهور حال المريض.