تتجه الصادرات السعودية إلى السوق الأميركية إلى الارتفاع بنسبة تزيد على 50 في المئة هذه السنة مقارنة بالعام الماضي، على رغم فشل الاقتصاد الأميركي في التخلص من أخطار الركود التي تهدد انتعاشه منذ بداية هذه السنة، ويُستبعد أن يتجاوزها مجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي) قبل منتصف عام 2013. وتأثرت السعودية ومعها غالبية المصدرين المهمين إلى الولاياتالمتحدة بتبعات أزمة المال وما رافقها من ركود كارثي هدد الاقتصاد العالمي، إذ عندما انكمش الناتج الأميركي بنسبة 3.5 في المئة عام 2009 تراجعت قيمة الصادرات السعودية إلى السوق الأميركية بنسبة 59 في المئة لتبلغ 22 بليون دولار في مقابل 54 بليوناً عام 2008. لكن انتهاء الأزمة الاقتصادية منتصف عام 2009 بكلفة باهظة قدرت بنحو ثلاثة تريليونات دولار، منح الاقتصاد الأميركي الفرصة للانتعاش بقوة بعد 18 شهراً من الانكماش المتواصل. ومع نمو الناتج الأميركي بنسبة 3 في المئة العام الماضي، قفزت قيمة صادرات السعودية إلى السوق الأميركية بنسبة 43 في المئة مرتفعة إلى 31 بليون دولار. وعلى رغم تبدد التفاؤل الذي أثاره الانتعاش القوي سريعاً بعد توقع الاحتياط الفيديرالي وصندوق النقد بألاّ تزيد وتيرة نمو الناتج الأميركي على 1.5 في المئة هذه السنة، ارتفعت قيمة الصادرات السعودية في الشهور التسعة الأولى بنسبة 51 في المئة، مرجِّحة احتمال وصولها إلى 50 بليون دولار نهاية الشهر الجاري. وتشمل الصادرات السعودية إلى السوق الأميركية 114 صنفاً من السلع، التي تنتجها الشركات السعودية مثل الأسمدة والبلاستيك والمنتجات الكيماوية والغازات المسيلة والملبوسات الجاهزة والأقمشة الصناعية، ولم تتراوح حصتها بين 3 و10 في المئة من القيمة الإجمالية لهذه الصادرات فحسب بل تضاعفت قيمتها في العقد الماضي إلى 2.5 بليون دولار. لكن النفط الخام وتقلبات أسعاره يلعب الدور الرئيس في تحديد قيمة صادرات السعودية (خصوصاً حجم الفائض الذي تحققه من مبادلاتها التجارية مع الولاياتالمتحدة)، لأن انهيار قيمة الصادرات السعودية عام 2009 نجم عن تراجع مبيعاتها النفطية في السوق الأميركية آنذاك بنسبة 35 في المئة، وانخفاض متوسط أسعار خامات منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بنسبة مماثلة. وأظهر تقرير «المعروض» الشهري الذي أصدرته إدارة معلومات الطاقة الأميركية الثلثاء الماضي، أن واردات النفط الخام الأميركية انخفضت بنسبة 8 في المئة إلى نحو 9 ملايين برميل يومياً عام 2009 متأثرة بالانكماش الحاد في الناتج الأميركي وارتفاع الإنتاج المحلي، ثم رفعها انتعاش 2010 بنسبة اثنين في المئة وسيخفضها التباطؤ المتوقع بنسبة ربما تصل إلى 2.7 في المئة هذه السنة. إلا أن صادرات النفط الخام السعودية وضعت خلفها انهيار عام 2009 الذي خفض معدلها اليومي إلى 980 ألف برميل، مرتفعة بنسبة 11 في المئة العام الماضي، وهي نسبة جيدة يُتوقع أن تتكرر هذه السنة، خصوصاً بعدما ارتفعت إلى مليون و465 ألف برميل يومياً في أيلول (سبتمبر) الماضي، مقتربة من مستوياتها القياسية المسجلة في أعوام ما قبل أزمة المال. ولاحظ محللون في إدارة معلومات الطاقة، أن مبيعات النفط الخام السعودية للمصافي الأميركية استفادت ليس فقط من الزيادة الضخمة التي حققها متوسط أسعار خامات «أوبك» وبلغت نسبتها 39 في المئة، بل أيضاً من علاوة فرضتها أزمة وسائل النقل التي يعانيها مركز توزيع النفط في وسط الولاياتالمتحدة «كوشينغ»، وقدروها ب 11 دولاراً للبرميل. ونتج عن أداء صادرات النفط الخام السعودية، احتلال المملكة منذ بداية السنة، المرتبة الثانية في لائحة كبار مصدري النفط إلى السوق الأميركية. لكن النتيجة الأهم ربما تمثلت في ارتفاع قيمة الفائض المحتمل أن يتحقق لها من مبادلاتها التجارية مع الولاياتالمتحدة، إلى 35 بليون دولار، أي ثلاثة أضعاف ما حققته عام 2009. وينتظر أن تعزز السعودية موقعها في السوق الأميركية بعد استكمال مشروع توسيع مصفاة «بورت آرثر» (هيوستن)، وهي واحدة من ثلاث مصافي تملكها «أرامكو السعودية» مناصفة مع «شل أويل» مطلع العام المقبل. ويهدف المشروع إلى مضاعفة الطاقة الإنتاجية للمصفاة إلى 600 ألف برميل يومياً، ما يجعلها أكبر المصافي في الولاياتالمتحدة.