فيما يعلن صندوق النقد الثلثاء المقبل إدخال تعديلات إيجابية على التوقعات التي أصدرها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن نمو الناتج العالمي في السنتين الحالية والمقبلة، اقترح البنك الدولي للفترة ذاتها معدلي نمو قويين نسبياً عززا توقعات خبراء النفط والمتعاملين في أسواقه، بأن منظمة البلدان المصدرة للنفط مقبلة على تعويض خسائر فادحة لحقت بإيراداتها في 2009، ما من شأنه أن يدعم مداخيل الدول العربية الأعضاء التي تزيد حصتها على 68 في المئة من إيرادات منظمة «أوبك». وأكدت تصريحات متفائلة صدرت عن مسؤولين كبارٍ في صندوق النقد، وتقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي أصدره البنك أول من أمس، أن خبراء المؤسستين الدوليتين متفقون على أن الاقتصاد العالمي الذي انكمش في 2009 للمرة الأولى منذ ستة عقود، مهيأ للانتقال إلى النمو الإيجابي هذه السنة وبمعدل يصل إلى 3.5 في المئة يرتفع إلى 4 في المئة العام المقبل مقترباً من مستواه قبل الأزمة عند 5 في المئة. ويلاحظ أن المؤسستين تعتمدان معيارين مختلفين في تقدير الناتج العالمي وآفاقه، إذ يفضل خبراء صندوق النقد معيار القوة الشرائية الذي يعتبره معظم الاقتصاديين أكثر إنصافاً للدول النامية، بينما يختار خبراء البنك معيار أسعار الصرف الجارية، لكنهم غالبا ما يضمّنون تقاريرهم تقديرات موازية بالاعتماد على المعيار المنافس. واتفق خبراء الصندوق والبنك على المسار المحتمل لأسعار النفط الخام، متوقعين تقدم متوسط أسعار برميل خامات «برنت» ودبي والأميركي الخفيف إلى 78 دولارا خلال العامين الحالي والمقبل مرتفعا بقوة من 61.76 دولار في 2009. ولم يعزز هذا الاتفاق رؤية المتعاملين في أسواق النفط ممثلة في المسار التصاعدي لأسعار الصفقات الآجلة فحسب، بل أيضا توقعات خبراء وزارة الطاقة الأميركية الذين رجحوا ارتفاع متوسط أسعار برميل الأميركي الخفيف من 62 دولارا في 2009 إلى 80 دولارا في 2010 و84 دولارا في 2011. الإيرادات وفي تقديرات إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية تكالبت عوامل الانكماش غير المسبوق في نشاط الاقتصاد العالمي، وتراجع استهلاك النفط، وخفضت «أوبك» إنتاجها بنحو 2.2 مليون برميل يومياً في محاولة ناجحة منها لوقف انهيار الأسعار، ما أدى في مجملها إلى اقتطاع ما يزيد على 40 في المئة من إيرادات تصدير خامات المنظمة التي انخفضت من 970 بليون دولار في 2008 إلى 570 بليونا في 2009. وناهز نصيب الدول العربية الأعضاء (السعودية والإمارات والكويت والجزائر والعرق وليبيا وقطر) من خسائر الإيرادات 270 بليون دولار، وتحملت السعودية العبء الأكبر بعدما انخفضت إيرادات صادراتها العالمية من النفط الخام بقيمة 134 بليون دولار متراجعة إلى 154 بليوناً في 2009 من 288 بليونا في 2008. وخفض هذا التراجع القاسي حصة السعودية من إيرادات أوبك من 30 إلى 27 في المئة، بحسب التقديرات ذاتها. وتكبدت «أوبك» أكبر قدر من خسائر الإيرادات في السوق الأميركية فانخفضت الإيرادات الإجمالية لصادراتها إلى أكبر أسواق استهلاك الطاقة من 240 بليون دولار في 2008 إلى 110 بلايين في 2009 مقتربة من مستواها عام 2004. وتزود المنظمة الولاياتالمتحدة بنحو 50 في المئة من وارداتها من النفط الخام والمشتقات التي تراجعت أكثر من 9 في المئة في 2009. وشهدت الصادرات السعودية إلى السوق الأميركية تراجعا أكثر حدة في قيمتها منخفضة إلى 22 بليون دولار من 55 بليونا في 2008. إلا أن تقديرات معلومات الطاقة المعتمدة أساسا على تحسن فرص الاقتصاد العالمي في النمو في تقرير البنك الدولي والتعديل الإيجابي المنتظر على آفاق النمو العالمي لصندوق النقد، توقعت أن تعوض «أوبك» أكثر من نصف خسائر إيرادات العام الماضي جراء ارتفاع إيراداتها العالمية من النفط 35 في المئة، إلى 770 بليون دولار العام الماضي، و 8 في المئة إلى 830 بليونا في 2010. ولفت خبراء البنك إلى أن تحقق توقعات انتعاش الطلب العالمي على النفط واستقرار أسعاره، من شأنه أن يسهم في دعم فرص اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في النمو ورفع وتيرته إلى 3.7 في المئة العام الماضي و4.4 في المئة في 2010 بعدما تباطأ إلى 2.9 في المئة (وفق معيار أسعار الصرف الجارية) في 2009.