حضرت أخيراً مؤتمراً نظمه شباب للشباب في مدينة الخبر، تحت عنوان «تيدكس شباب الخبر». «تيدكس» هو امتداد غير رسمي للمؤتمر الرئيس وغير الربحي «تيد»، الذي يقام بشكل سنوي في كاليفورنيا منذ العام 1990 الميلادي. فكرته أن تعطي المفكرين والمبدعين منبراً لطرح أفكارهم بطريقة خلاّقة أمام جمهور يتم اختياره بعناية ليكون مرآة ناقدة للأفكار المطروحة، ويرصد جائزة سنوية نقدية لمتحدث واحد خلال المؤتمر ليتمكن من تنفيذ فكرته التي قد تغير العالم. من أشهر المتحدثين في هذه المؤتمرات أشخاص مثل بيل كلينتون، بيل غيتس، لاري بيج (أحد مؤسسي غوغل) والكثير من الأشخاص الحاصلين على جائزة نوبل. باختصار المؤتمر الرئيس يضم النخبة من مفكري العالم، إذ يعطيك الفرصة لمعرفة كيف يفكرون. والمؤتمر الفرعي «تيدكس» ما هو إلا محاولة لتقليد المؤتمر الرئيس، لكن بشكل محلي، إذ أقيم في عام 2010 ما يقارب من 750 مؤتمر «تيدكس» في أكثر من 60 دولة حول العالم. «تيدكس» الخبر حضره أكثر من 500 من الجنسين، كان غالبيتهم من الشباب تحت ال30 وال 20 عاماً أيضاً. ما شد انتباهي أن المنظمين للمؤتمر كانوا ثلاثة فقط وكلهم تحت سن ال20: عبدالله العقيل «16ربيعاً»، وعبدالرحمن البواردي «15ربيعاً»، والثالث، كان ما دعاني للفخر بحق، إذ كانت فتاة في مقتبل العمر أيضاً: مها أبا حسين «16 ربيعاً». مها ما زالت تدرس في الصف الثالث الثانوي. وكانت أحد المتحدثين في مؤتمر «تيدكس» الأخير بمدينة الرياض، الذي فاق عدد حضوره 1500، إذ كان عنوان حديثها وقتها «ليس باكراً أن تبدأ بتحقيق حلمك»، وفكرتها ألا ننتظر لتحقيق أحلامنا بل نبدأ الآن. وأن الكلام أيضاً يلهم ويؤثر وله وقع كبير على الناس لدفعهم لتحقيق أحلامهم مهما كانت، وإلا ما كانت معجزة الرسول «صلى الله عليه والسلام» القرآن. كان حديثها في «تيدكس» الرياض ملهماً للكثير ما شجعها أن تكون أحد منظمي «تيدكس» الخبر، كما تقول. قالت لي مها لاحقاً إن المنظمين كانوا خمسة أشخاص، لكن لم يكن يخطر ببال أحد كمية العمل الكبيرة لتنظيم مثل هذا الحدث الذي جعل المنظمين يواصلون النهار بالليل، وانسحب اثنان وبقى ثلاثة ليكملوا على رغم كل العقبات والصعاب ليروا حلمهم واقعاً. المنظمون ليس لهم أي سابق معرفة ببعض، التقوا في «تيدكس» سابق وعن طريق «تويتر» و«فيسبوك» قاموا بالتواصل مع المتحدثين والتنظيم والإعلان عن المؤتمر، وحتى جمع الأسئلة والتعليقات والتوصيات من الحضور خلال وبعد المؤتمر. «تيدكس» كان مثالاً مصغراً لما يمكن أن يعطيه أو يصنعه هذا الجيل، لأنه اختار أن يخرج من المساحة الضيقة المعطاة لهم من الأهل والمدرسة والمجتمع ليصنع أفقاً واسعاً لا حدود له، ويستخدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي ليبدع ويخلق أفكاراً تستحق الانتشار، كما هو شعار المؤتمر الأم «تيد». أستطيع أن ألخص ما شاهدته بمقولة جميلة لأحد متحدثي المؤتمر، فيصل الغامدي في حديثه بعنوان «فكر خارج الصندوق»: «أنت والحياة لن تبقيا كما أنتما، أحدكما سيغير الآخر». [email protected] twitter | @manal_alsharif