القاهرة - أ ف ب - بعد أن فقد عيناً خلال الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك في كانون الثاني (يناير) الماضي، فقد الأخرى خلال التظاهرات الحالية المناهضة لحكم العسكر: إنه أحمد حرارة طبيب الأسنان الذي أصبح رغم أنفه من أبطال الثورة المصرية. ووسط الجمهور في الميدان الشهير الذي لم يعد قادراً على رؤيته، يسير حرارة (31 سنة) وسط أصدقائه وقد غلب عليه التأثر. وبين المتظاهرين الذين أقبلوا عليه لتحيته وعناقه والترحيب به، تبرز لافتة معلقة على عمود كهرباء كتب عليها: «كلنا عيونك يا أحمد حرارة». ويقول حرارة وعينه اليسرى مغطاة بضمادة: «أرفض أن أكون رمزاً. الرمز الحقيقي هو ميدان التحرير والذين يتظاهرون فيه». وكان حرارة شارك في «ثورة 25 يناير» مع مئات الآلاف غيره من الشباب الذين طالبوا برحيل مبارك، وأصابت رصاصة أطلقها عنصر من الأمن المركزي إحدى عينيه بعد ثلاثة أيام من اندلاع هذه الثورة. ويقول هذا الشاب الأسمر النحيل وقد أحاط به أصدقاؤه: «أصبت بالرصاص في عنقي وعيني اليمني التي اخترقت قرنيتها أربع شظايا». ونتيجة إصابته في الصدر أيضاً، حدث له نزيف في الرئة أدخله في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام في المستشفى. ويقول: «عولجت في المستشفى الدولي للعيون في القاهرة، ثم بقيت في منزلي لمدة شهرين». لكن وحتى بعد أن فقد إحدى عينيه وعمله كطبيب أسنان «نزلت من جديد إلى الشارع» للمطالبة هذه المرة برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد منذ سقوط مبارك في شباط (فبراير) الماضي والمتهم باتباع سياسة الرئيس السابق القمعية. وفي 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري الذي بدأت فيه المواجهات بين المتظاهرين وبين قوات الأمن، كان حرارة في شارع محمد محمود القريب من التحرير والذي شهد أعنف الصدامات. وهناك فقأت رصاصة مطاطية عينه الثانية ليفقد كلياً قدرة البصر. ولم يكن حرارة الضحية الوحيدة، إذ اتهم العديد من الناشطين الشرطة بإطلاق الرصاص المطاطي عمداً على أعين المتظاهرين. وأحدث بث شريط مصور على موقع «يوتيوب» صدمة لدى الرأي العام. ويظهر في هذا الشريط ضابط شرطة يتقدم نحو المتظاهرين ويصوب عليهم بندقيته ليتلقى التهنئة من جنوده الذين يقول له أحدهم: «في عينه، في عينه، جدع يا باشا». لكن بفقده عينيه أصبح أحمد حرارة «الشهيد الحي»، كما يقول صديقه الفنان محمد الجبيلي. إلا أن حرارة ينفي ذلك، ويقول: «لم أفعل أكثر من غيري في هذه الثورة. إنهم جميعاً أبطال، المتظاهرون في السويس والمنصورة وأسيوط ودمياط... الجميع يريد رحيل السلطة العسكرية». وسرعان ما انتشرت قصة حرارة على الإنترنت حيث فتحت على الفور صفحات باسمه على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» مثل «كلنا البطل أحمد حرارة» و «نعم لتسمية شارع محمد محمود شارع أحمد حرارة». واعتبره البعض «بطل الثورة»، في حين اقترح آخرون ترشيحه للانتخابات التشريعية المقررة اليوم. وتصدرت إحدى الصفحات مقولته: «أعيش كفيفاً مرفوع الرأس وبكرامة، أفضل من أن أعيش مبصراً مكسور العين».