قال طبيب الأسنان المصري أحمد حرارة مخاطباً مئات الشباب «أن أعيش كفيفاً مرفوع الرأس أفضل من أن أعيش مبصراً مكسور العين». بينما كان مستقبلوه يزدحمون في مطار القاهرة بعد رحلة علاجية في فرنسا فشل خلالها فريق أطباء في إعادة الإبصار لعينه اليسرى التي فقدها برصاص الشرطة المصرية فيما يُعرَف إعلامياً ب»أحداث محمد محمود» أو «اشتباكات 19 نوفمبر بالتحرير». وفشلت محاولات علاج «حرارة»، الذي فقد عينه اليمنى أثناء ثورة 25 يناير بنفس الطريقة، ورغم ذلك بدا متماسكاً ، ودعا إلى محاكمة كل من قتل الثوار وتسبب في إصابتهم ، كاشفاً عن رفضه عرضاً من الحكومة الجديدة بتولي منصب وزير مصابى الثورة نظراً لعدم قدرته على الإبصار ولكونه غير خبير بالإدارة. ويبدو «حرارة» متفائلاً بمستقبل الثورة المصرية، وهو ما انعكس على كلماته التي أدلى بها لوسائل الإعلام حيث قال «لا تزال أمامنا معركة طويلة لإسقاط النظام، وربما يستغرق الأمر سنوات». وأحمد حرارة في الثلاثين من عمره وخريج كلية طب الأسنان بجامعة 6 أكتوبر، فقد عينه اليمنى يوم جمعة الغضب «28 يناير» بعدما لجأ جهاز الشرطة إلى القمع في محاولةٍ لم تكن ناجحة لإخماد احتجاجات مليونية خرجت في شوارع القاهرة وسقط خلالها مئات القتلى. وحينما بدأت أحداث 19 نوفمبر «محمد محمود» توجه «حرارة» إلى ميدان التحرير للتضامن مع مصابي الثورة الذين تعاملت الشرطة معهم بعنف فتلقى رصاصة جديدة أصابت عينه اليسرى في واقعةٍ أججت مشاعر غضب المتظاهرين تجاه السلطة الانتقالية ممثلة في المجلس العسكري وأجبرته على إقالة حكومة الدكتور عصام شرف وتسمية حكومة جديدة. وتتكفل إحدى الجمعيات الأهلية بتمويل علاج «حرارة» الذي حصل من الحكومة على إعانة قدرها عشرون ألف جنيه مصري فقط ، لم تكفِهِ بل دفعته للتفكير في إقامة دعوى أمام القضاء للمطالبة ب خمسة ملايين جنيه تعويضاً عما أصاب عينيه. وتعتبر الحركات الثورية والشبابية «حرارة» رمزاً للثورة ومواجهة السلطة خاصةً مع اهتمامه بملف الانتهاكات ضد الشباب وأولهم سميرة إبراهيم الفتاة التي اتهمت ضباطا في الجيش بإجراء كشف عذرية لها أثناء احتجازها بعد فض تظاهرة بالقوة. حرارة عندما فقد عينه الثانية في أحداث محمد محمود (تصوير : أحمد حماد)