تنتمي شادية، اللبنانية الأميركية التي هاجرت أسرتها قبل عقود من جنوب لبنان لتستقر في ولاية ميشيغان الأميركية، إلى نموذج فريد ومتصالح مع جذوره وحياته الجديدة. فحياتها التي ظهرت في الحلقة الأولى من برنامج تلفزيون الواقع الجديد « الأميركيون المسلمون»، والذي تعرضه قناة «تي أل سي» الأميركية، لا تشبه حياة والدتها المحجبة، ووالدها الذي يمارس الفروض الإسلامية كلها. شادية التي تقترب من عقدها الثالث وتغطي ذراعيها الوشوم، مطلقة، وتستعد لزواجها الثاني من أميركي غير مسلم (من أصول إرلندية). ومع هذا تعترف بأنها تحمل الإسلام في قلبها، لكنه لا يؤثر إلا قليلاً في تفاصيل حياتها اليومية. لكن الأمور ليست بهذه البساطة، حتى بالنسبة إلى أهل شادية الليبراليين، فالتقاليد تفرض نفسها على العائلة، لتصل إلى «الخطيب» الإرلندي الذي يعتنق الإسلام، كشرط الزواج من شادية. وشادية نفسها، التي يرافقها البرنامج التلفزيوني في حياتها اليومية، تضطر إلى ارتداء الحجاب، عندما يحضر الشيخ لعقد قرانها مع زوج المستقبل. في البرنامج الذي يعتبر الأول من نوعه على القنوات الأميركية، نتعرف أيضاً إلى مجموعة متنوعة من أميركيين مسلمين، يعود جميعهم إلى أصول لبنانية وعراقية، فيأخذنا ضابط شرطة أميركي، اصل عائلته من جنوب لبنان أيضاً، إلى مركز الشرطة الذي يعمل فيه، وبعدها إلى منزله، لنقابل زوجته وأولاده. كذلك سنتعرف إلى مدرب كرة القدم الأميركية، العراقي الأصل، والذي يعمل في ثانوية للشباب، يعود 95 في المئة من أصول طلابها إلى دول إسلامية. ونلتقي سيدة أعمال من أصول لبنانية، وزوجين تنحدر عائلتاهما من القرية ذاتها في الجنوب اللبناني، لكنهما قابلا بعضهما بالصدفة في الولاياتالمتحدة. ومع المشاهد التي تصور كل عائلة على حدة في حياتها اليومية، يجمع البرنامج الأميركي، أفراد هذه العائلات في الاستوديو لمناقشة القضايا التي تواجه الأميركيين من أصول مسلمة، وبخاصة في السنوات العشر الأخيرة، أي منذ تفجيرات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) في عام 2001، ومناخ التأزم وأحياناً الكره، الذي وصل إلى الأميركيين المسلمين. وكذلك يتجه النقاش إلى قضايا اجتماعية مثل الحجاب وحرية النساء وطرق تربية الأبناء. إشكاليات الهوية تؤثر خيارات البرنامج التلفزيوني لشخصياته على التوتر المفترض الذي يرتبط بالموضوع، فالجميع ينتمي إلى تلك الطبقة المتعلمة التي لا تعيش إشكاليات «الهوية». فهم أميركيون ومسلمون، والمشاكل التي تثار في الإعلام الأميركي أو داخل المجتمع هناك، هي نتاج عوامل خارجية وسوء فهم، لا دخل لمسلمي أميركا فيها، أو على الأقل لا دخل لشخصيات البرنامج فيها. لذلك بدا البرنامج وكأنه يعبر عن «نموذج» واحد من الأميركيين المسلمين. وغاب الصوت المختلف، والذي ربما لا يؤمن بالنموذج الأميركي بالمواطنة، أو ربما هز سجل الولاياتالمتحدة السياسي في العقدين الأخيرين يقينه بالحلم الأميركي الذي في جوهره لا يعير أي أهمية للدين أو اللون. يسير البرنامج الذي تقف خلف إنتاجه مجموعة من ابرز منتجي برامج تلفزيون الواقع، على خطى برامج من هذا النوع. فالتوتر الذي يظهر أحياناً يتم بسبب تلاعب الذين يقفون خلف إنتاج البرنامج، من خلال التوليف والموسيقى التصويرية والقطع بين المشاهد. فمثلاً، عندما يخبر خطيب شادية والدته، بأن عليه أن يعتنق الإسلام كشرط للزواج منها، يتم التلاعب بالصورة، بلقطة مقربة لوجه الأم، وموسيقى «مترقبة»، وقطع إلى مشهد آخر. هذه الأسلوبية المستفذة، التي صارت إحدى علامات تلفزيون الواقع، قد تؤدي بالنهاية إلى قتل هذا النوع من البرامج. في المقابل، وعندما يترك البرنامج «شخصياته» تعيش حياتها اليومية على قدر معقول من «الطبيعية»، نتعرف إلى وجه آخر للشخصيات، وأحياناً إلى كوميديا محببة، مثل الدقائق التي سبقت اعتناق الشاب الأميركي الإسلام، وتوتره من الموقف، والذي خففته دعابات أشقاء شادية.