أولت حكومتنا السعودية الرشيدة قطاع الرياضة اهتماماً بالغاً وأنفقت بسخاء على جميع الخدمات والمرافق والكوادر العاملة فيه، ودعمت الأندية والمنتخبات في كل الألعاب، وهيأت لهم كل ما يساهم في تشجيعهم وتحفيزهم على البذل والعطاء وتقديم صورة مشرفة لوطنهم في المحافل الدولية، وكان لهذا الأمر دور بالغ في علو كعب الرياضة السعودية في شتى الألعاب خصوصاً كرة القدم حيث فاز المنتخب السعودي الأول بكأس آسيا 3 مرات وتأهل لكأس العالم 4 مرات فيما فاز منتخب الشباب بكأس العالم للشباب، وحققت المملكة انتصارات عدة في ألعاب مختلفة. كل هذا كان نتاج الدعم اللامحدود الذي قدمته المملكة لقطاع الرياضة في السنوات الماضية والذي ما زال مستمراً. لكن المتابع الآن للرياضة السعودية يرى انحداراً في مستواها وبالأخص في اللعبة الشعبية الأولى في العالم كرة القدم حيث بدأت تقل مستويات الأداء للأندية والمنتخبات السعودية على حد سواء مما أثار صدمة حقيقية للجماهير السعودية المتعطشة للانتصارات بعد غياب دام سنوات وبدأت معها تسترجع ذاكرة نجوم الماضي من جيل ماجد عبدالله ومحيسن وعبدالجواد ومسعد وأحمد جميل ورفاقهم من النجوم الذين لم ولن يغيبوا عن ذاكرة الرياضة السعودية نظير ما قدموه وحققوه في عهدهم الذي لم يكن فيه مبالغات مالية في العقود وملايين تهدر هنا وهناك ولاعبون يضربون عن اللعب بمجرد تأخر أنديتهم عن دفع مرتباتهم، جيل كان يعشق الكرة بكل معاني العشق الكروي، جيل يتلذذ بالانتصار وينتعش بالروح القتالية على تحقيق الفوز، جيل لم يعرف سيارات البانوراما ولا الشقق والفلل الفارهة ولا الأرصدة البنكية المتكدسة بالملايين، جيل لعب الكرة لأجل حبه وعشقه لها، جيل رفع الكؤوس في المحافل الدولية ليرفع راية وطنه، جيل لم يعرف حياة الرفاهية والبذخ، جيل عاش الاحترافية قبل أن يطبق نظام الاحتراف، جيل أمتع الجماهير وبقي في ذاكرتها حتى اليوم. كم يشعر الجمهور السعودي بحرقة على ما يحدث للكرة السعودية التي كانت في مصاف الدول المتقدمة والكبيرة والممثلة الأولى للقارة الآسيوية حتى أصبحت اليوم غير قادرة على تجاوز منتخبات ما زالت في بداياتها، مستويات مهزوزة ولاعبون لا يعرفون سوى لغة المادة، غياب للروح القتالية وحماسة الانتصار، غياب للفكر الكروي السليم، غياب لجماليات الكرة التي كنا نشاهدها ونستمتع بها إبان جيل ماجد ذلك الجيل الأجمل والأروع في حياة الكرة السعودية. لا شك في أننا نواجه مشكلة في الفكر الكروي الصحيح لدى لاعبينا فالغالبية تنظر إلى الكرة على أنها مصدر للثراء والرفاهية في ظل ما نراه من مبالغات الأندية في عقود اللاعبين حتى نما جيل لا يرى في الكرة سوى سبيل لتحقيق متطلبات الحياة، من سيارات وفلل واستثمارات حتى أصبح لدينا في ملاعبنا لاعبو كرة بمهنة رجال أعمال. لا بد من وقفة حقيقية نضع فيها النقاط على الحروف ونرسم المسار الصحيح والسليم ونضع حداً للتجاوزات والسلبيات التي كانت وراء هذا الانحدار في مستويات الأخضر إذا ما أردنا أن نعيد ذكريات جيل الكرة الحقيقي الذي طالما أسعدنا وأبهرنا وحقق أمالنا وتطلعاتنا.