تبدأ عادات وتقاليد شهر رمضان في المملكة باكراً، وقبل إعلان ظهور هلاله، إذ تختلف الطقوس من منطقة لأخرى. ففي المنطقة الشرقية وبالتحديد في الأحساء يحتفل الأهالي في آخر أسبوع من شعبان بأيام «القرش»، وهي كناية عن طي أيام شعبان واقتراب دخول «الشهر الكريم» كما يحب الأهالي أن يطلقوا عليه، وتتم هذه العادة الشعبية القديمة التي لا يعرف تاريخ بدايتها، بارتياد العيون الطبيعية المنتشرة في المحافظة، لأجل الاستحمام، وهي للذكور دون الإناث. ولم يبق من تلك العيون إلا العدد اليسير، بينما كان عددها يتجاوز ال 22 عيناً طبيعية، إلا أن معظمها نضب، وتعتبر عادة «القرش» من العادات الشعبية، التي يرمز فيها الأهالي بالاستعداد لاستقبال شهر رمضان بالطهارة والنظافة الكاملة، لما لهذا الشهر من خصوصية كبيرة لديهم. ويفضل أهل الحجاز في أواخر شهر شعبان الاستعداد لرمضان باحتفالات تجمع الأهل والأصدقاء والجيران، تسمى «شعبانية» أو «شعبنة»، وتقدم على طاولة هذه الاحتفالات الأكلات الشعبية والحلويات، بينما تمتلئ الشوارع بلافتات الترحيب برمضان، ويقبل الجميع على المجمعات التجارية للتزود بالأطعمة الرمضانية والمعروفة محلياً ب«العزبة». ويبقى تحري الهلال شغل الناس الشاغل، وتشترك جميع المناطق في العادات والتقاليد ذاتها، إذ لم تؤثر الأجهزة الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعية في تغيير خروج فرق التحري، وانتظار الناس إما في الجوامع والمساجد أو مجالس الأعيان وكبار الشخصيات، والذي منها سيخرج بيان إعلان رؤية الهلال. تتميز مناطق جنوب المملكة عن غيرها بعاداتها الخاصة وتقاليدها المميزة في طريقة إعلان رؤية الهلال، إذ ينتشر خبر التثبت وبخاصة عند أهالي عسير بعد إشعال النيران فوق رؤوس الجبال أو من فوق أسطح المنازل، لتتحول الأحوال إلى احتفالية شعبية، وتشعل النيران بكثافة متزامنة مع سماع دوي أصوات طلقات الأسلحة النارية. ولا يعير أهالي عسير انتباههم للتلفزيون، بل لا ينتظرون إعلانه رؤية الهلال، إذ تبقى أضواء النيران المصدر الوحيد للإثبات، ولا تنطفئ النيران حتى يتم التأكد من أن النبأ وصل إلى القرى المجاورة، وفي المنطقة الشرقية تكثر تبادل التهاني والتبريكات في الشوارع، ولا تختلف المشاعر عن أول أيام العيد، إذ يهنئ السكان بعضهم بعضاً بحرارة وبعبارات محلية خالصة مثل أن تبدأ التهنئة «مبارك عليك الشهر»، فيرد «عساك من صوامه وقوامه». منذ اليوم الأول تعكف النساء على إعداد مائدة الإفطار، والتي لا تخلو من الأطباق الشعبية الرئيسة، إذ تتميز المائدة السعودية باستحضار الكثير منها، ففي الحجاز يتربع الفول على عرش قائمة الإفطار إلى جانب السمبوسة والبف، والصيادية وأم المشروبات السوبيا الحجازية، إلى جانب ماء زمزم المبخر بالمستكة. ويتسيد الهريس والجريش وخبز الرقاق قائمة الطعام، وتنطلق شبكة طويلة من الأطفال قبل أذان المغرب، ينقلون أطباق الإفطار للجيران، في عادة عرفت ب«النقوصة»، إذ يحسب الجيران بطبق أو طبقين من المائدة، والطبق الذي يرسل لا يمكن أن يرجع فارغاً لأنها تُعد منقصة في حق من أرسل إليه. لا يمكن أن يختفي خبز التنور المعروف ب«القرص» من على مائدة العائلة في عسير إلى جانب السمن البلدي والعسل الريفي المستخلص من أشجار الجبال الجنوبية، إلى جانب أطباق عدة من أهمها «المشغوثة» وهو الدقيق الممزوج باللبن الطازج. يفضل كبار السن في القصيم تناول الأعشاب البرية في رمضان، كعادة شعبية متوارثة مثل البسباس والحوى والبقير والقريص والحميض والعنصل، لما لها من فوائد صحية كبيرة بحسب رأيهم، إلى جانب أطباق كثيرة ومختلفة مثل الجريش، والمرقوق والمطازيز والكبسة والعصيدة والهبيش، من جهة أخرى تكثر الزيارات في شهر رمضان، وتعرف في مناطق عدة ب«الزوارة» أو «المسيار»، ودائماً ما يكون بيت العائلة الكبير مقراً لاستقبال الزائرين.