يعاني بعض المواقع الإلكترونية التابعة للحكومة السورية من مشاكل القرصنة الرقمية. إذ يعمد بعض قراصنة الكومبيوتر (يشار إليهم تقنياً باسم «هاكرز» Hackers) إلى نشر محتويات تتحدث عن الحوادث في سورية بدلاً من محتويات المواقع الإلكترونية الأصلية. ومثلاً، تعرض الموقع الشبكي ل «غرفة تجارة دمشق» للقرصنة إلكترونياً، في اليوم نفسه الذي عقدت فيه ندوة عن الحكومة الإلكترونية، ما أثار تندّراً واسعاً بين الحاضرين! أما أسباب سهولة قرصنة هذه المواقع الشبكية، فيعود وفق بعض المتابعين، إلى عدم اعتماد هذه المواقع معايير متقدمة في أمن المواقع الإلكترونية. في هذا الصدد، أشار المهندس رشاد كامل مدير «وحدة بوابة الحكومة الإلكترونية» في مشروع تعزيز القدرات المؤسساتية لمبادرة الحكومة الإلكترونية، إلى وجود مجموعة من الإجراءات التي نشرت على موقع وزارة الاتصالات السورية تسمى «معايير أمن المواقع الإلكترونية». والمفارقة أن المواقع الإلكترونية الحكومية لم تعتمد هذه المعايير. وقال كامل: «من أجل القضاء على هذه المشكلة يجب أن يعمل المبرمج الذي صمّم الموقع الشبكي، على تطبيق هذه المعايير منذ بداية إنشائه للموقع. إذا لم يكن المبرمج موجوداً، تجب الاستعانة بمبرمج جديد». وأشار كامل أيضاً إلى أن معايير الأمان وعناصره تتطور عالمياً، ما يعني أن اللجوء إلى استخدام برامج أمن إلكتروني غير معتمدة من قبل شركات كبرى يجرى لها تحديث مستمر، يجعل هذه المواقع عرضة للقرصنة على شبكة الإنترنت. وأضاف: «ستوضع معايير الأمان إلكترونياً في وثيقة يجرى توزيعها على الوزارات والهيئات السورية التي يجب أن تعتمدها من الآن وحتى نهاية عام 2012». تفاوت المواقع الحكومية في السياق ذاته، انتقد المهندس كامل وجود تفاوتات بين المواقع الشبكية الحكومية بعضها عن بعض، خصوصاً لجهة عدم وجود توحيد للواحق في أسماء النطاقات. وقال: «يستخدم البعض لاحقة («.كوم» .com) وآخر («.غوف.سي» .gov.sy) وثالث (.أورغ.سي .org.sy)». وأشار إلى أن بعض المواقع الإلكترونية الحكومية لا تهتم بتحديث محتواها إلا في ما ندر، ضارباً مثلاً على هذا بالموقع الشبكي لوزارة الصناعة، الذي احتفظ بالإعلان عن احتفالية «دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008» في صدارته حتى الآن. ولفت إلى أن وزارة المغتربين السورية، اعتمدت موقعاً إلكترونياً جديداً عند انضمامها إلى وزارة الخارجية، لكن عند البحث عن هذه الوزارة على محرك البحث «غوغل»، يظهر الموقع القديم! وفي السياق عينه، تحدث كامل أيضاً عن مشاريع برنامج تعزيز القدرة المؤسساتية لتنفيذ الحكومة الإلكترونية في سورية، موضحاً أنها تتضمن إطلاق حملة لحصر استضافة المواقع الحكومية ضمن سورية، مع ضرورة الانتهاء من تنفيذ هذه الأمور قبل نهاية العام المقبل، إضافة إلى إطلاق حملة تعديل أسماء النطاقات الحكومية غير المتوافقة مع تعميمات رئاسة مجلس الوزراء، قبل نهاية 2011. وقال: «عند تنفيذ هذه الأمور، تكون المواقع الشبكية الحكومية حوّلت كلها إلى الخوادم الإلكترونية («سيرفر») السورية، فتصبح آمنة كما تغدو تحت سيطرة المعنيين بها. وعندها، تتحقق معايير الأمن المعلوماتي... لكن هناك سؤالاً: هل يؤمن هذا الأمر للمواقع حماية مئة في المئة؟ الإجابة لا. في المقابل، يؤدي تنفيذ هذه الأمور إلى الحصول على درجة معقولة من الحماية. ففي العالم الافتراضي، لا توجد حماية مئة في المئة. لدينا مسؤوليتنا في متابعة الاختلالات وتعديلها، وهناك مسؤولية على الجهات التي تملك المواقع بأن تصنع نسخاً احتياطية منها. أرى أن هذا أفضل من بعثرة المواقع على خوادم موّزعة عالمياً. لكن، هذا الأمر ليس سهلاً أيضاً». وسبق لرئاسة مجلس الوزراء السورية أن طلبت من الجهات العامة اعتماد أسماء نطاقات تحت النطاق العالي «سي» (.sy)، الذي يشير إلى سورية، مع كتابته بالحرف اللاتيني في أسماء مواقعها الرسمية المكتوبة بأحرف لاتينية حاضراً، واعتماد أسماء نطاقات باللغة العربية تحت اسم النطاق السوري العربي «.سورية». وطلبت أيضاً أن يجرى اختيار أسماء النطاقات الممثلة لهذه الجهات وفق المعايير المعتمدة من قبل الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة. ورأت رئاسة مجلس الوزراء في تعميم أصدرته «إن بعض الجهات العامة اعتمدت أسماء نطاقات لمواقعها على الإنترنت تحت نطاقات عامة غير وطنية مثل «.أورغ» .org و».كوم» .com وهذا لا يتناسب مع الهوية الرسمية والحكومية لهذه الجهات، وقد يعرض أسماء مواقعها للتصيد (أي سرقة النطاق وتحويل ملكيته إلى جهة أخرى) أو الانتحال والالتباس، ما يقلل ثقة الناس بها». العقوبات والفضاء الافتراضي وحذر بعض المراقبين أخيراً من أن العقوبات الأميركية على سورية ستؤدي إلى وقف أي موقع إلكتروني سوري حجز اسم نطاق مع شركة أجنبية أو أميركية وأدخل عنوانه على أنه مقيم في سورية، ما يعني توقف عمله ريثما يعثر على بديل. ورأى هؤلاء المراقبون أن هذا الخطر يهدّد عدداً من المواقع الإلكترونية السورية الحكومية. ولذا، لا يبدو لهؤلاء مستغرباً رؤية الموقعين الشبكيين لوزارتي المال ووزارة الاقتصاد والتجارة مثلاً وقد كتب عليهما (عند محاولة الدخول إليهما) عبارة: «This account has been suspended»، ومعناها «هذا الحساب قد عُلّق»، ما دفع الوزارتين لنقل موقعيهما إلى موقع «الجمعية المعلوماتية السورية». من جهة أخرى، احتاطت غالبية المواقع السورية الخاصة لهذا الأمر، بأن جعلت عنوان إقامتها في لبنان أو الأردن، أو أنها أدخلت عنواناً وهمياً في إحدى الدول الأجنبية.