أدركت الإدارة الأميركية أن عليها الانسحاب من المنطقة نتيجة الأزمة الاقتصادية وتعاظم طلب الأميركيين تفادي نشوب حروب جديدة، ونتيجة سيطرة القوي المقربة من إيران، أو المتأثرة بها، علي الشارع في الدول التي سقطت فيها الديكتاتوريات المقربة من الولاياتالمتحدة. ودعا مراقبون في الإدارة الأميركية إلى البحث في الانسحاب من الشرق الأوسط والانصراف إلى الوضع الداخلي الأميركي. ويعارض عدد من المنظرين الصهاينة الانسحاب في وقت تبرز الحاجة إلى المرابطة الأميركية في هذه المنطقة. وتسعى الإدارة الأميركية إلى التصدي لإيران وتقويض نفوذها في الشرق الأوسط. لذا، تتعاون مع أطراف إقليمية في مشروع نافذ للحد من سرعة بسط إيران نفوذها. فالأميركيون لا يريدون تضييع الوقت في وقت تمضي طهران قدماً في برنامجها النووي، وتعد لقيادة الأوضاع في المنطقة. ووزّع المشروع الأميركي الأدوار بين الحلفاء الإقليميين. وتولى الإسرائيليون التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية. وعلي رغم تصديق بعضهم هذا السيناريو، ليس في مقدور إسرائيل أن تشن ضربة على ايران، ولا يمكنها استيعاب تداعيات الخطوة هذه. فالتهديدات الأميركية ترمي إلى تشديد العقوبات علي إيران وحمل بكين وموسكو على الصدوع بفرضها (العقوبات). وأوكل إلى مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية، يوكيا أمانو الياباني المَنبت والأميركي التوجه، إقحام مزاعم الولاياتالمتحدة في تقرير الوكالة عن البرنامج الإيراني والإيحاء بتوجه طهران نحو حيازة السلاح النووي. وهناك توجه يحضّر لقرار يدين ايران بالارهاب. وأنشأت واشنطن غرفة عمليات مشتركة بين إسرائيل من جهة وتركيا وبعض الدول العربية من جهة أخرى، لتأزيم الأوضاع في سورية، وشغل طهران بإنقاذ حليفها السوري. وأسند الدور الخامس إلى المعارضة الإيرانية في الداخل. وتسعى المعارضة هذه إلى تعظيم أخطار الوضع الإيراني وتجييش الشارع وإشاعة المعلومات المغرضة، وشن حرب نفسية على الإيرانيين، والإعداد لمشاركتها (المعارضة) في الانتخابات النيابية المقبلة لخدمة المصالح الأميركية. هذه الأدوار الخمسة التي وزعت على هؤلاء اللاعبين تظهر أن الإدارة الأميركية صرفت إمكاناتها لشن حملة واسعة على إيران. لكن الواقع أثبت فشل هذه القوى في بلوغ أهدافها. * محلل، عن «كيهان» الإيرانية، 19/11/2011، إعداد محمد صالح صدقيان